المَاجِشُون (١) قال: حضرتُ مالكًا وأتاه رجلٌ مِن الصُّوفيَّة فسأله عن ثلاثة أحاديثَ يحدِّثُه بها؟ فقال مالكٌ: اعْرِضْها إنْ كانت لك حاجةٌ.
فقال: يا أبا عبد الله، إنَّ العَرْضَ لا يجوزُ عندنا. فقال له مالك: فأنت أعلم.
فأتاه مِرَارًا كلُّ ذلك يقول: اعْرِضْها إنْ كانت لك حاجةٌ. فيقول: العَرْض لا يجوز.
فلمَّا أرادَ أنْ يقومَ وثب إليه الصُّوفي، فلزم مُضَرَّبةً (٢) كانت تحته، ثم قال: وربِّ هذا القبرِ، لا أدعُها أو تحدِّثَني بثلاثة أحاديثَ.
فقال مالك لرجل مِن جُلَسائه يُكْنى أبا طلحة: لَيْتَك يا أبا طلحة دخلتَ بيني وبين هذا الرجل؛ فإنِّي أرى به لَمَمًا (٣).
فقال أبو طلحة: ما أرى بالرجل لَمَمًا يا أبا عبد الله، إنْ رأيتَ أنْ تُحَدِّثَه بهذه الأحاديثِ الثلاثةِ (٤).
فقال مالكٌ: هاتِ. فقال الصُّوفي: إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - دخلَ مكةَ يومَ الفتحِ وعلى رأسِه المِغْفَرُ.
(١) الضبط بكسر الجيم من س، ي، وضبطه في أ بكسر الجيم وضمها، وكتب في الحاشية: «صح بكسر الجيم سماعًا عن المشايخ من محدِّثي مصر سلمهم الله»، وفيها أيضًا: «بضم الجيم في الطبقات». والجيم يجوز فيها الكسر والضم والفتح فهي مثلثة. ينظر: «تاج العروس» (م ج ش).
(٢) المُضَرَّبة: بساط كان يجلس عليه. ينظر: «تاج العروس» (ض ر ب).
(٣) اللمم: طرف من الجنون. «مختار الصحاح» (ل م م).
(٤) في ك: «الثلاثة أحاديث»، والمثبت من ظ، س، أ، ي.