وَقَدْ طَلقَتْ لَيْلَةً كلَّها، ... فجاءتْ بِهِ مُؤْدَناً خَنْفَقِيقا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالصَّوَابُ:
زحرت بها ليلة كلها
كَمَا تَقَدَّمَ؛ وَقَوْلُهُ: يَا حَكِيمُ، هُزْء مِنْهُ أَيْ أَنت الَّذِي تَزْعُمُ أَنَّكَ حَكِيمٌ وتُخطئ هَذَا الخَطأ، وَقَوْلُهُ: أَطَعْتَ الْيَمِينَ عِناد الشَّمَالِ، مِثْلُ ضَرَبَهُ، يُرِيدُ فَعَلَتْ فِعْلًا أَمكنت بِهِ أَعداءنا مِنَّا كَمَا أَعلمتك أَن الْعَرَبَ تَأْتِي أَعداءها مِنْ مَيامِنهم؛ يَقُولُ: فجِئتنا بداهيةٍ مِنَ الأَمر وجئتَ بِهِ مُؤْيَداً خَنْفَقِيقًا أَي نَاقِصًا مُقَصِّراً. وخفَقَه بِالسَّيْفِ وَالسَّوْطِ والدِّرَّةِ يَخْفُقه ويَخْفِقه خَفْقاً: ضَرَبَهُ بِهَا ضرْباً خَفِيفًا. والمِخْفقةُ: الشَّيْءُ يُضْرَبُ به نحو سير أو دِرّة التَّهْذِيبُ: والمِخْفَقَةُ والخَفْقَة، جَزْمٌ، هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يضرب به نحو سير أَوْ دِرَّة. ابْنُ سِيدَهْ: والمِخفقة سَوْطٌ مِنْ خَشَبٍ. وَسَيْفٌ مِخْفَقٌ: عَرِيض. قَالَ الأَزهري: والمِخْفَقُ مِنْ أَسْمَاءِ السَّيْفِ الْعَرِيضِ. اللَّيْثُ: الخَفْقُ ضَرْبُكَ الشَّيْءُ بالدِّرَّة أَو بِشَيْءٍ عَرِيضٍ، والمِخْفقة الدِّرَّةُ الَّتِي يُضْرَبُ بِهَا. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عَنْهُ: فَضَرَبَهُمَا بالمِخفقة
؛ هِيَ الدِّرَّةُ. وأَخْفقَ الرجلُ: طَلب حَاجَةً فَلَمْ يَظْفَر بِهَا كَالرَّجُلِ إِذَا غَزَا وَلَمْ يَغْنَمْ، أَو كَالصَّائِدِ إِذَا رَجَعَ وَلَمْ يَصْطَدْ، وطلَب حَاجَةً فأخْفَقَ.
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: أَيُّما سَرِيّةٍ غَزت فأخْفَقت كَانَ لَهَا أَجرها مَرَّتَيْنِ
؛ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الإِخْفاقُ أَنْ يغزُو فَلا يَغْنَمَ شَيْئًا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عَنْتَرَةَ يَصِفُ فَرَسًا لَهُ:
فيُخْفِقُ مرَّةً ويَصِيدُ أُخْرَى، ... ويَفْجَع ذَا الضَّغائن بالأَرِيب «١»
يَقُولُ: يَغْزُو عَلَى هَذَا الْفَرَسِ فَيَغْنَمُ مَرَّةً وَلَا يَغْنَمُ أُخرى؛ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَذَلِكَ كَلُّ طَالِبِ حَاجَةٍ إِذَا لَمْ يَقْضِهَا فَقَدْ أَخْفق إِخْفَاقًا، وَأَصْلُ ذَلِكَ فِي الْغَنِيمَةِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: أَصْلُهُ مِنَ الخَفْق التحرُّك أَيْ صادَفَتِ الغنيمةَ خافِقةً غَيْرَ ثَابِتَةٍ مُسْتَقِرَّةٍ. اللَّيْثُ: أَخْفقَ القومُ فنَي زادُهم، وأَخفقَ الرجلُ قَلَّ مَالُهُ. والخَفْقُ: صَوْتُ النَّعْلِ وَمَا أَشْبَهَهَا مِنَ الأَصوات. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ:
إِنَّهُ لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعالهم حِينَ يُولُّون عَنْهُ
، يَعْنِي الميتَ يَسْمَعُ صَوْتَ نِعَالِهِمْ عَلَى الأَرض إِذَا مشَوْا. وَرَجُلٌ خَفّاقُ الْقَدَمِ عَرِيضُ بَاطِنِ الْقَدَمِ، وخَفقَ الأَرضَ بنَعْله وكلُّ ضَرْبٍ بِشَيْءٍ عَرِيضٍ خَفْقٌ؛ وَقَوْلُهُ:
مُهَفْهَف الكَشْحَينْ خَفّاق القَدَمْ
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: مَعْنَاهُ أَنَّهُ خَفِيفٌ عَلَى الأَرض لَيْسَ بِثَقِيلٍ وَلَا بَطيء، وَقِيلَ: خَفَّاقُ الْقَدَمِ إِذَا كَانَ صَدْرُ قَدَمَيْهِ عَرِيضًا؛ قَالَ أَبو زُغْبةَ الْخَزْرَجِيُّ:
قَدْ لَفَّها الليلُ بِسَوَّاقٍ حُطَمْ، ... خَدَلَّجِ الساقَيْنِ خَفّاق القَدَم
وَقِيلَ: هَذَا الرَّجَزُ للحُطَم القَيْسِيّ. وامرأَة خَفّاقةُ الحَشَى أَي خمِيصة؛ وَقَوْلُهُ:
أَلَا يَا هَضِيمَ الكَشْحِ خَفّاقة الحَشى، ... مِنَ الغِيدِ أَعْناقاً أولاكِ العَواتقِ
إِنَّمَا عَنَى بِأَنَّهَا ضَامِرَةُ الْبَطْنِ خَميصة، وَإِذَا ضَمُرت خَفَقت، والخَفْقةُ: المَفازة المَلْساء ذَاتُ الآلِ. والخافِقُ: الْمَكَانُ الْخَالِي مِنَ الأَنِيس، وَقَدْ خَفَقَ إِذَا خَلَا؛ قَالَ الرَّاعِي:
عَوَيْتَ عُواء الكلْبِ، لَمَّا لَقِيتَنا ... بِثَهْلانَ، مِنْ خَوْف الفُروجِ الخَوافِق
(١). قوله ويصيد في الأَساس: ويفيد، وقوله ويفجع ويفجأ. وهو في ديوانه:
فيخفق تارة وَيَصِيدُ أُخرى ... وَيَفْجَعُ ذَا الضغائن بالأَريب