الورد ما تشقق يبقى للبائع وما لم يتشقق يدخل في البيع، وإن كان الكل على شجرة واحدة؛ بخلاف ثمر النخل، حيث قلنا: يبقى الكل للبائع؛ لأن ما تشقق من ثمر النخل لا يقطع، بل يترك إلى إدراك الكل؛ فاستوى حكم الكل، وفي الورد ما تشقق تم إدراكه ويجتني في الحال، ولايترك إلى تشقق الباقي؛ لأنه يتناثر ويفسد؛ فكان حكم ما تشقق منه مقطوعاً عما لم يتشقق.
هذا كله كلام في الثمار.
أما أغصان الشجرة وأوراقها تدخل في مطلق بيعها.
وقال أبو إسحاق: إذا باع شجرة الفرصاد في وقت الربيع بعد خروج أوراقها تبقى الأوراق للبائع؛ لأنها مقصودة؛ كثمار سائر الأشجار.
والمذهب: أنها تدخل في البيع؛ كما لو باعها في وقت الخريف؛ وكأوراق سائر الأشجار.
ولو باع شجرة رطبة وعليها غصن يابس، لا يدخل في البيع، لأنه مما يقطع كالثمرة.
قلت: ويحتمل أن يدخل؛ لأنه جزء من أصله؛ كالصوف على ظهر الغنم.
وكل موضع حكمنا ببقاء الثمرة للبائع، يبقى إلى أوان الجُذاذ، والقطاف، إلا أن يشترط على نفسه قطعها؛ فيؤمر بالقطع؛ لأنه التزم تفريغ المبيع.
وعند أبي حنيفة - رحمه الله-: يؤمر بقطع الثمرة في الحال إذا باع مطلقاً؛ فإن شرط التبقية إلى أوان الجذاذ، فسد العقد، فنقول: مطلق العقد يحمل على العرف والعادة، والعادة في الثمار التبقية إلى أوان الجذاذ: فلا يكلف قطعها في الحال.
كما لو باع سفينة في وسط البحر؛ فلا يُكلف البائع بالتفريع حتى تبلغ إلى الساحل، أو باع داراً له فيها أمتعة يكلف تفريغها على العادة.
وإذا بلغت الثمرة أوان الجذاذ؛ وهو أن يتكامل نضجها - يكلف البائع القطع، وليس له تركه؛ حتى يستحكم، وإن كان بسراً جرت العادة بقطعه قبل أن يرطب، كلف القطع بعد ما صار بسراً؛ فإن كان لا يقطع إلا رطباً، لا يكلف القطع؛ حتى يصير رُطباً.