أما إذا اشترى من مورثه شيئاً؛ فمات البائع قبل قبض المشتري - نفذ تصرفه فيه؛ لأنه لو لم يكن قد اشتراه، كان تصرفه فيه نافذاً.
فإن كان معه وارث آخر، لم يكن له أن يتصرف في قدر حق الآخر قبل القبض؛ حتى لو لم يكن أدى الثمن، فللوارث الآخر حبس قدر حقه؛ لاستيفاء نصيبه من الثمن.
وإن كان على الميت دين فحق الغرماء في الثمن، ويجوز بيع الوارث العين المشتراة.
ولو أوصى له بشيء فقبله بعد موت الموصي، نفذ تصرفه فيه قبل أن يقبض، ولو تصرف فيه بعد الموت قبل القبول. إن قلنا: يملك بالموت نفذ، وإن قلنا: بالقبول أو موقوف، فلا ينفذ.
ولو باع واحد من الغانمين نصيبه شائعاً قبل القبض - نظر: إن كان معلوماً جاز؛ مثل: إن كانوا عشرة، فالخمس منها لأهل الخمس، وما بقي بينهم على عشرة أسهم؛ فيكون نصيبه سهمان من خمس وعشرين، فباعه شائعاً جاز؛ سواء أفرزه السلطان، أو لم يفرزه؛ حتى لو ترك واحد من الباقين حقه بعد بيع أحدهم نصيبه يكون للآخرين، ولا تدخل في البيع تلك الزيادة التي صارت له بالترك.
ونص الشافعي -رضي الله عنه - على أن الأرزاق التي يخرجها السلطان للناس يجوز بيعها قبل القبض.
واختلف أصحابنا فيه: منهم من قال: أراد به إذا وكل رجلاً بقبضه؛ فقبضه وكيله، ثم باعه الموكل- جاز. فأما قبله فلا يجوز؛ لأنه لم يملكه.
ومنهم من قال: إذا أفرزه السلطان وأعلمه، فباعه قبل أن يقبضه - جاز، ويد الإمام يده في الحفظ؛ حتى لو تلف يتلف من حقه.
ولو دفع ثوباً إلى صباغ ليصبغه بأجرة؛ فصبغه؛ فإن كان دفع الأجرة جاز له بيعه قبل أن يسترد، وإن كان قبل أن يدفع لا يجوز؛ لأن للصباغ حبسه؛ لاستيفاء الأجرة؛ المبيع قبل القبض.
وقيل: إن صبغ، لا يجوز بيعه أيضاً إذا كان قد استأجر الصباغ ليصبغه؛ لأن للصباغ حبسه؛ لإيقاع عمله فيه. ولو دفع ثوباً إلى قصار فقصره، هل له بيعه قبل الاسترداد؟ نظر: إن كان قد دفع الأجرة يجوز، وإن كان قبل دفعها؛ فإن قلنا: القصارة عين لم يجز؛ لأن للقصار حبسه؛ لاستيفاء الأجرة.