فصل هل الفسخ بالعيب يرفع العقد من أصله أم من حينه
والفسخ بالعيب لا يرفع العقد من أصله؛ حتى لو كان المشتري قد استخدمه، أو أجره وأخذ الأجرة، أو كان عبداً قد اكتسب في يده، أو شجرة قد أثمرت، أو بهيمة ولدت، أو جارية وُطئت بشبهة، وأخذ مهرها - فجميع هذه الزوائد تبقى للمشتري؛ فيرد الأصل، ويسترد جميع الثمن؛ سواء حصلت تلك الزوائد قبل القبض أو بعده، وسواء رد الأصل قبل القبض أو بعده.
وقال ابن أبي ليلى، وأبو حنيفة - رحمة الله عليهما -: الرد بالعيب يرفع العقد من أصله.
ثم عند ابن أبي ليلى يرد الأكساب، والزوائد معه.
وعند أبي حنيفة: الولد والثمرة يمنعان رد الأصل بالعيب، والكسب والغلة لا يمنعان الرد، لكن إن رد قبل القبض رد معه الغلة والكسب، وإن رد بعده يبقى له.
والحديث حجة عليهم؛ ولأن حدوث الزوائد معنى لا يدخل نقصاً في المبيع، ولا يتضمن رضاً بالعيب، فلا يمنع الرد بالعيب؛ كالاستخدام.
أما الزوائد المتصلة؛ كالسمن في الحيوان، وكبر الشجر، وتعلم القرآن، والحرفة للعبد-تكون تبعاً للأصل، فإذا رد الأصل لا شيء للمشتري بسببها.
ولو اشترى جارية أو شاة حاملاً، ثم وجد به عيباً - وهي حامل بذلك الولد - ردها كذلك.
ولو وضعت الولد، ثم علم بها عيباً؛ هل عليه رد الولد معها؟
فيه قولان؛ بناء على أن الحمل هل يعرف؟ وهل له قسط من الثمن؟ فيه قولان:
أصحهما: يعرف، وله قسط من الثمن؛ بدليل أن تصح الوصية بالحمل وللحمل، ويجوز إعتاقه، وتجب الكفارة بقتل الجنين، وترد الجارية المشتراة بسبب الحمل، ولا تؤخذ الحامل في الصدقة، وتجب الخلفة في الدية، ولولا أنه يعرف، لم تتعلق به هذه الأحكام، وأنه ينفصل عن الأم؛ فينتفع به؛ كاللبن في الضرع.
والثاني: لا يعرف، وليس له قسط من الثمن؛ لأنه متصل بها؛ كعضو من أعضائها؛ ولأنه لا يفرد بالبيع، ومن قتل امرأة حاملاً لا يُفرد الجنين بالضمان.
فإن قلنا: له قسط من الثمن، يرد الولد مع الأصل؛ كما لو اشترى عينين.
وإن قلنا: ليس له قسط من الثمن، يرد الأصل، ويبقى له الولد؛ كالحادث بعد البيع.