وإن وكلهما بحفظ متاع، هل ينفرد أحدهما بحفظه؟ فيه وجهان:
أصحهما: لا ينفرد؛ بل يجعلانه في حرز لهما.
وقيل: ينفرد به أحدهما؛ لأنه يشق اجتماعهما عليه، فإن كان مما ينقسم قسمين، فيحفظ كل واحد بعضه.
فصلٌ في بيان أن التوكيل أمانة
المال في يد الوكيل- يكون أمانة: لو هلك في يده من غير تعد: لا ضمان عليه، فإن تعدى فيه؛ بأن وكله ببيع ثوب، فلبسه، أو دابة، فاستعملها: صار ضامناً، ولكن لا ينعزل عن الوكالة.
فلو باعه بعد التعدي: صح البيع، وإذا أخذ ثمنه: لا يكون الثمن مضموناً عليه؛ لأنه لم يتعد فيه.
ولو دفع إليه دراهم ليشتري له بها شيئاً؛ فسلفها، أي: أخذها قرضاً لنفسه: صار ضامناً؛ فلو اشترى للموكل الطعام في الذمة، أو بعين مال نفسه: يقع للوكيل، ولا يصير للموكل إلا بعقد جديد منه.
وعند أبي حنيفة- رحمة الله عليه-: يقع للموكل؛ بناءً على أصلين له؛ وهو: أن النقود لا تتعين عنده، وأن الملك يقع للوكيل، ثم ينتقل إلى الموكل؛ فلو خرج مال الموكل من يده، ثم عاد إليه، فاشترى به الطعام للموكل: صح الشراء للموكل، ولا يكون الطعام مضموناً عليه؛ لأنه لم يتعد فيه.
ولو طلبه الموكل: رد ماله إليه و ليس للوكيل الامتناع؛ فإن امتنع من التخلية بينه وبين المال من غير عذر- صار ضامناً، فلو ادعى بعده تلفاً، أو رداً-: لا يقبل قوله؛ كالغاصب.
فصلٌ في تصرفات الوكيل
إذا وكل ببيع شيء مطلقاً، فعلى الوكيل أني بيعه بنقد البلد حالاً بثمن المثل أو أكثر، فلو باعه بعرض أو بغير نقد البلد أو مؤجلاً أو بغبن فاحش: لا يصح البيع غير أنه لا يصير بمجرد البيع ضامناً للمال ما لم يسلم المبيع إلى المشتري؛ فإذا سلم: ضمن، والمالك بالخيار، إن شاء ضمن الوكيل، وإن شاء ضمن المشتري، فإن ضمن المشتري يضمنه كمال