عليه حيةٌ، أو ألقاه عليها؛ شده، أو لم يشده، فقتله - لا ضمان عليه، سواء كان في مضيقٍ أو في صحراء.
فأما إذا حبسه في موضع فقتله - نظر: إن كان في موضعٍ ضيقٍ من بئر، أو بيتٍ صغيرٍ - يجب القودُ؛ لان السبع يقصد الآدمي إذا اجتمع معه في مضيقٍ؛ فكان هو مُلجئاً للسبع إلى قتله، بخلافِ الحية والعقرب.
وإن كان في موضع واسع، أو ألقى عليه سَبُعاً في صحراء، أو أغرى عليه كلباً، أو شدهُ فطرحهُ في مسبعةٍ، أو بين يدي سبُعٍ، فقتله - فلا ضمان عليه؛ لأن السبع يهرب من الإنسان إذا وجد سعةً؛ فلم يُلجئه إلى قتله، سواءٌ كان المطروحُ صغيراً، أو كبيراً.
وقال أبو حنيفة: إذا حمل صبياً إلى مسبعة، فأكله سبعٌ - يجب الضمانُ، فكل موضعٍ أوجبنا القود بقتل السبع:
فلو جرحه جراحةً خفيفةً، لا يموت منها غالباً؛ فمات - فهو شبهُ عمدٍ، وكان شيخي القاضي رحمه الله يقول: إذا أغرى عليه سبُعاً عقوراً في صحراء، لا يمكنه الهرب منه، فقتله - يجب القودُ؛ لأن فعله مضافٌ غليه؛ بدليل حل الصيد.
ولو سلم صبياً إلى سابح ليعلمه السباحة، فغرق - ضمن ديته؛ لأنه سلم إله ليحتاط في حفظه، وهو شبه عمد؛ كما لو ضرب المعلم الصبي للتأديب فهلك - ضمن.
ولو سلم البالغ نفسه إليه؛ ليعلمه السباحة، فغرق - لم يضمن؛ لأنه في يد نفسه، فعليه أن يحتاط لنفسه.
ولو تلوط بصبي فمات، أو أكره امرأة بكراً فافتضها فماتت - يجب القود.
ولو قتل رجلاً بسحرٍ يقتل غالباً - يجب القودُ، ولا يمكن إثباتُ القتل بالسحر إلا بإقرار الساحر، حتى لو شهد الشهود أنه قتله بالسحر - لا يُقتل ما لم يشهدوا على إقراره، فإن قال الساحر: سحرته، وسحري يقتل غالباً - يجب القودُ، وإن قال: سحرته، وسحري قد يقتل، وقد لا يقتل- والغالب انه لا يقتل - فهو شبهُ عمدٍ؛ تجب الدية مغلة في ماله؛ لأنه قد ثبت بإقراره، إلا أن تصدقه العاقلة؛ فتكون عليهم.
وإن قال: سحري يقتل يقينا، ولكني سحرت باسم غيره، فوافق اسمه - فهو خطأ؛