اختلف أصحابنا فيه؛ فمن أصحابنا من جعل فيهما قولين:
أحدهما: له استيفاؤهما في الحال؛ لوجود الجناية.
والثاني: لا يستوفي حتى تندمل؛ لأن الدية ربما تنقص بالسراية، والقود ربما يزيد.
والمذهب: الفرق، وهو أن له استيفاء القصاص في الحال؛ لأن قطع ذلك الطرف ثابت للمجني عليه، وإن سرت الجراحة أو شاركه في القتل غيره، وأما الدية - فلا تؤخذ؛ لأنا لو أخذنا منه ديتين بقطع يديه ورجليه - فربما يسري فيعود إلى دية واحدةٍ، ولو أخذنا ديةً واحدةً بقطع يديه فربما شاركه في الجرح جماعة فيموت من الكل؛ فنعود إلى أقل مما أخذنا منه.
فصلٌ في الاختلاف
إذا قطع طرفاً من إنسان، ثم اختلفا في سلامته - نظر:
إن كان من الأعضاء الظاهرة؛ كاليد والرجل واللسان والبصر. فن قال الجاني: كانت اليدُ أو الرجل شلاء، أو كان اللسان أخرس، والحدقة عمياء، وادعى المجني عليه سلامته - نظر:
إن أنكر الجاني أصل السلامة، وقال: خلقت كذلك - فالقول قوله مع يمينه؛ لأن المجني عليه يمكنه إثباته السلامة بالبينة.
ولو اتفقا على أنه خلق سيماً، وادعى الجاني حدوث النقص - فعلى قولين:
أحدهما: القول قول الجاني مع يمينه لأن الأصل براءة ذمته.
والثاني: قول المجني عليه، مع يمينه، وهوا لأصح؛ لأن الأصل بقاء سلامته.
وقال في "كتاب الديات": على المجني عليه البنية، قيل: هو جواب على قولنا: إن القول قول الجاني، وقيل: على القولين: يسمع بينة المجني عليه؛ كالمودع إذا ادعى تلف