فصلٌ: في اختلاف شهادة الشاهدين
إذا ادعى رجلٌ على رجلٍ؛ أنه قتل أباه، وأقام شاهدين - شهد أحدهما أنه قتله عمداً، وشهد الآخر أنه قتله خطأ - نظر:
إن كان المدعي يدعي الخطأ - فشهادة شاهد العمد لغوٌ، ويحلف المدعي مع شاهد الخطإ، وكم يحلفُ؟ فيه وجهان:
أحدهما: يحلف يميناً واحدةً.
والثاني: خمسين يميناً، على ما ذكرنا.
فإن حلف - تجب الدية على عاقلة المدعي عليه مخففة مؤجلة إلى ثلاث سنين، وإن كان المدعي يدعي العمد - فشهادة شاهد الخطإ لغو، ويحلف المدعي مع شاهد العمد خمسين يميناً، وهل له أن يقتص أو يأخذ الدية من مال المدعي عليه؟ فعلى قولين:
في الجديد: لا قصاص له؛ كما ذرنا في القسامة.
وكذلك: لو كانت شهادتهما على الإقرار؛ شهد أحدهما أنه أقر أنه قتله عمداً، وشهد الآخر؛ أنه أقر أنه قتله خطأ؛ إلا أن ههنا: إن كان المدعي يدعي قتل الخطإ، وحلف عليه -تكو الدية في مال المدعي عليه مؤجلة؛ لأنها لا تثبت بإقراره؛ إلا أن تصدقه العاقلة؛ فتكون عليهم.
ولو ادعى قتل عمدٍ، وأقام شاهدين؛ شهد أحدهما أنه قتل أباه عمداً، وشهد الآخر أنه قتله مطلقاً، أو شهدا على الإقرار؛ شهد أحدهما أنه أقر أنه قتله عمداً، وشهد الآخر أنه أقر بقتله مطلقاً، ولا تثبت صفة القتل، فيسأل المدعي عليه: فإن أقر أنه قتله عمداً - يجب عليه القصاص، وإن أقر بالخطأ - حلف على نفي العمدية، وتجب الدية مخففة في ماله إلى ثلاث سنين؛ لأنه يثبت بإقراره، وإن نكل - حلف المدعي، وله القصاص.
ولو ادعى قتلاً، وأقام شاهدين، شهد أحدهما أنه قتله، وشهد الآخر؛ أنه أقر بقتله - لا يثبت القتل؛ لاختلاف الشاهدين، ويكون لوثاً تثبت فيه القسامة، ويبدأ بيمين المدعي؛ لأنه لا تضاد بين الشهادتين، ثم المدعي: إن كان يدعي قتل عمدٍ - يحلف خمسين يميناً مع أيهما شاء، وهل يجب القود؟ فيه قولان: