لا يقتضي الكف عن الإسلام، بل إذا شرط رد من جاء منهم-: لا ترد الهدنة؛ كما ذكرت.
ولا يجوز عقد الهدنة اليوم على أن من أتى منهم مسلماً-: نرده؛ فإن احتاج إلى شيء من ذلك، لضعف أهل الإسلام، وقوة الكفار-: فلا يجوز أن يشترط رد النساء، ولا يشترط رد الرجال مطلقاً؛ لأنه قد يأتيه من لا يجوز رده، فإن رد من لا عشيرة له-: لا يجوز.
فإذا عقد الإمام الهدنة، وشرط رد من جاء منهم مسلماً-: قال الشيخ- رحمه الله-: لاترد الهدنة، وإن لم يعمل ببعضه، وهو رد النساء، ورد العبيد، ورد الرجال على غير عشيرته كما أن صلح الحديبية كان نافذاً، وإن منع عن رد النساء، ورد العبيد.
فإذا عقد على هذا الشرط، ثم جاء رجل منهم مسلماً؛ فإن جاء في طلبه غير عشيرته-: لا يرد، وإن جاء من عشيرته-: رده؛ لأنه لا يخاف عليه من عشيرته، بل يقومون عليه بحفظه، والذب عنه، وكان رد أبي جندل على هذا الوجه؛ لأنه رد إلى أبيه، فإن لم يكن له رهط أو عشيرة-: لا يجوز رده؛ لأنه لا يؤمن أن يفتن عن دينه، ولا تجب القيمة؛ لأن الحر لا قيمة له.
وكذلك: إن جاء من يطلبه، والمطلوب قادر على قهر الطالب والانفلات منه-: جاز الرد عليه.
وعلى هذا الوجه-: كان رد أبي بصير؛ فإنه قد جاء في طلبه رجلان، فدفع إليهما، فقتل أحدهما، وأفلت.
ومعنى الرد: هو ألا يمنعه عن الرجوع، إما أن يُكرهه على الرجوع-: فلا، بل نقول: لك في الأرض مراغم كثيرة وسعة.
فإن اختار المقام في دار الإسلام-: فلا يمنع، وهو الأولى، وإن اختار الرجوع على أهله في دار الكفر-: فله ذلك، ويقول الإمام للطالب: لا نمنعك منه، إن قدرت عليه، وإن لم تقدر-: لا نعينك عليه، ويقول للمطلوب ويوصيه في السر: إن رجعت إليهم، ثم قدرت أن تهرب، فافعل.
وإن جاءت امرأة من أهل الهدنة مسلمة إلى موضع الإمام، وهي حرة عاقلة بالغة،