والشعير وسائر الحبوب والأدهان والثوب الغليظ الذي لا تنتقص قيمته بالقطع، والأرض والدار المستوية أجزاؤها- يجبر الممتنع على القسمة.
وإن كان عليهما ضرر؛ كالجواهر والثوب المرتفع الذي تنتقص قيمته بالقطع والكسر، والرحاء الواحدة، والبئر والحمام الصغير الذي لا يمكن أن يتخذ منه حمامان- فلا يجبر الممتنع على القسمة؛ لأن في قسمته إضاعة للمال؛ ونهى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عن إضاعة المال؛ وفيه ضرر عليهما؛ وقد قال النبي- صلى الله عليه وسلم- "لا ضرر ولا إضرار".
وإن كان على أحدهما ضرر؛ بأن كانت أرضاً تسعة أعشارها لواحد، وعشرها لآخر، ينتفع صاحب التسعة أعشار بالقسمة، ويتضرر بها صاحب العشر؛ إذ لا يمكنه الانتفاع بنصيبه إذا انفرد، أو كانا سواء في قلة النصيب، ولكن لأحدهما بجنبه ملك خالص إذا انضم إليه نصيبه ينتفع به؛ فإن طلب القسمة من لا ضرر عليه، يجبر صاحبه على القسمة.
وقال أبو ثور: لا يجبر؛ لأنه يتضرر به الناس قلنا: من ينتفع بالقسمة لا يجب عليه ترك حقه لضرر الغير؛ كما لو كان له دين على رجل لا يملك إلا ما يقضي دينه- يجبر على أداء الدين؛ وإن تضرر به.
وإن طلب القسمة من يتضرر بالقسمة، فلا يجبر الآخر عليه؛ لأنه يطلب ما لا يقع له فيه، بل عليه فيه ضرر، فإن تراضيا جاز.
وإن كانت بينهما أرض مختلفة الأجزاء في بعضها أشجار أو بناء، وبعضها خال، أو بعضها يسقى بالنهر وبعضها لا يصيبه الماء؛ فيسقى بالنضح، أو بينهما دار بعضها مبني بالآجر، وبعضها بالخشب أو الطين- فإن أمكن أن يقسم الجيد بينهما على الانفراد والردئ على الانفراد، وأيهما امتنع أجبر الآخر عليه.
وإن لم يمكن، إلا بأن نجعل الجيد لواحد، والرديء لآخر، ويرد من يأخذ الجيد شيئاً؛ فلا يجبر عليه، إلا أن يتراضيا.