التفاوت فيه، والناس يكتفون بالعدد تعويلاً على العِيَان وتسامحاً، وكذا لا يجوز السَّلَم في الجَوْز واللَّوْز عدداً ويجوز وزناً، وفي الكيل وجهان نقلهما صاحب "البيان" المذكور: منهما في "الشامل": الجواز، وكذا في الفُسْتُقِ والبندق (1).
واستدرك الإمام فقال: قشور الجَوْز واللَّوْز أيضاً، وليحمل ما أطلقه الأصْحَاب على النَّوع الَّذي لا تختلف قشوره في الغالب.
وعن أبي حنيفة: أنه يجوز السَّلَم عددًا في البَيْض والجَوْز، ولا يجوز السَّلَم في البُقُول جَزْمًا لاختلافهما، وإنما السلم فيها بالوزن، ولا يجوز السّلم في البَطّيخة الواحدة، والسَّفَرْجَلَة الواحدة، ولا في عدد منها؛ لأنه يحتاج إلى ذكر حجمها ووزنها، وذلك يورث عِزّة الوجود.
وقوله في الكتاب: (ولا يكفي العد في المعدودات) يجوز إعلامه بالحاء لما حكيناه عنه، ثم هو غير مجري على إطلاقه؛ لأن التَّقْدير في الحَيَوَانَات إنما يكون بالعَدِّ دون الوزن والكيل. وقوله: (بل لا بد من ذكر الوزن) بعد قوله: (ولا يكفي العد) قد يوهم الحاجة إلى ذكر الوَزْن مع العد وليس كذلك، بل هو مفسد كما سبق.
والمراد: أن المعتبر الوزن، ولا نظر إلى العد.
الثانية: يجمع في اللَّبَن بين العَدِّ والوَزْن، فيقول: كذا لَبَنَة كل واحدة كذا؛ لأنها تضرب عن اختيار، فالجمع فيها بين العَدِّ والوَزْن لا يورث عزة، ثم الأمر فيها على التَّقرِيب دون التَّحْديد (2).
قال الغزالي: وَلَوْ عَيَّنَ مِكْيَالاً لاَ يُعْتَادُ كَالكُوْزِ فَسَدَ العَقْدُ، وَإِنْ كَانَ يُعْتَادُ فَسَدَ الشَّرْطُ وَصَحَّ العَقْدُ عَلَى الأَصَحِّ لأَنَّهُ لَغُوٌ، وَلَوْ أسْلَم فِي ثَمرَةِ بُسْتَانِ بعيْنهِ بَطُلَ لأَنَّهُ يُنَافِي الدّينيّة، وَإِنْ أَضَافَهُ إلَى نَاحِيَةٍ كَمَعْقَلَي البَصْرَةِ جَازَ إِذ الغَرَضُ مِنْهُ الوَصْفُ.