أن الأولى أن يقلب فرضه نفلاً ويسلم عن ركعتين أو الأولى أن يتم الفريضة، فمن صائر إلى الأول صيانة للعبادة عن الإبطال، وأداء الفريضة بأكمل الطهارتين، ومن صائر إلى الثَّاني محافظة على حرمة الفريضة.
والوجه الثاني: في أصل المَسْأَلَةِ أنه لا يجوز الإعراض عن الفريضة بحال؛ لأن الإعراض عن الفريضة إبطال للفريضة.
والثالث: ذكره إمام الحرمين أنه يفرق بين أن يضيق الوقت فلا يجوز الخروج؛ لأنه إن لم يكن في الصَّلاة تعيَّن عليه البدار حينئذ، فإذا كان فيها يمتنع الخروج، وإن لم يضيق الوقت فله الخروج؛ لأن الوجوب في أوَّل الوقت موسع والشُّروع لا يلزم شيئاً، وهذا التَّفْصِيلُ عنده لا يختص بالمتيمِّم، بل مُطَّرد في كل مصل (1).
الثالث: إذا لم يخرج منها، وأتم الفريضة فكما تمت بطل تيممه وإن كان الماء الذي ظَفَرَ به باقياً بحاله، حتى حكى القاضي الروياني عن والده أنه لا يسلم التَّسليمة الثانية (2). لأن التسليمة الأولى تمَّت الصلاة وبطل التّيمم، وإن لم يكن ذلك الماء باقياً، ولم يعرفه المصلِّي حتى فرغ، فكذلك وإن عرف فواته وهو بعد في الصلاة، فهل يبطل تيممه إذا فرغ؟ وجهان: قال صاحب "التلخيص": يبطل (3) وبه قال الشيخ أبو حامد؛ لأن التيمم يبطل بوجدان الماء، إلا في الصلاة التي هو فيها لحرمتها.
وقال آخرون، منهم القَفَّال: لا يبطل، حتى يجوز له التَّنفل به؛ لأنه حين الفراغ غير واجد للماء، ولا متوهم للوجدان (4).
الرَّابع: لو رأى الماء وهو في صلاة نافلة، ففي بطلانها وجهان:
أصحهما: لا تبطل كالفريضة.
والثاني: أنها تبطل؛ لأن حرمتها قاصرة عن حرمة الفريضة؛ ألا يرى أنها لا تلزم