وقوله: "فإن حكمنا بأن الشعر لا ينجس بالموت" هكذا الصواب، وربما نجد في بعض النسخ، "فإن حكمنا بأن شعر الآدمي لا ينجس بالموت".
وقوله:"فالأصح أن شعر الكلب والخنزير نجس" ليس المعنى أنه نجس بالموت؛ لأنه نجس في الحياة، والموت جميعاً على الأصح. وظاهر فيهما على الثاني، وعلى التقديرين، فلا يكون نجساً بالموت، وإنما المعنى التعرّض لنفس النجاسة.
وقوله: "لنجاسة المَنْبَتِ" قد يعترض عليه بأن هذا التعليل يقتضي نَجَاسَةَ الزرع النابت على السِّرْقِينِ (1)، وقد نصوا على أنه ليس بنجس العين، لكنه نجس بمُلاَقَاةِ النجاسة، فإذا غسل طهر واذا تَسَنَّبَلَ فالحبات الخارجة منه طاهرة، ويجوز، أو يجاب عنه بأنه أراد بالمَنبَتِ ما منه النبات، والذي ينبت منه الشعر نجس، أما الزرع فإنه ينبت من الحبات المُنْبَثَّةِ في السِّرِقينِ، لا من نفس السِّرْقِينِ.
قال الغزالي
: القِسْمُ الثَّالِثُ- المُتَّخَذُ مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وَهُوَ مُحَرَّمٌ الاستِعْمَالِ عَلَى الرِّجَالِ وَالنَّسَاءِ، وَلاَ يَجُوزُ تَزْيِينُ الحَوَانِيتِ بِهَا عَلَى الأَصَحِّ وَلاَ يَجُوزُ اتِّخَاذُهُ (و) وَلاَ قِيمَةَ عَلَى كَاسِرِهِ (و) وَلاَ يَتَعَدَّى التَّحرِيمُ إِلَى الفَيْروزَجِ وَاليَاقُوتِ عَلَى الأَصَحِّ لأن نَفَاسَتَهُمَا لاَ يُدرِكُهَا إلاَّ الخَوَاصّ.
قال الرافعي: عن حذيفة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لاَ تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وَلاَ تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهِمَا" (2).
يكره استعمال الأواني المتخذة من الذهب والفضة (3) وهل ذلك على سبيل التحريم أو هو على سبيل التنزيه؟ فيه قولان: قال: في القديم أنه على التنزيه؛ لأن جهة المنع ما فيه من السَّرَفِ وَالخُيَلاَءِ وانكسار قلوب المساكين، ومثل هذا لا يقتضي التحريم.
وقال في الجديد: إنه على التحريم - وهو الصحيح، وبه قطع بعضهم، لما روى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "الَّذِي يَشْرَبُ فِي آنيَةِ الفِضَّةِ، إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي جَوْفِهِ نَارَ جَهَنَّمُ" (4).