قُلْنَا: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ وَلَا يُثَرِّبُ عَلَيْهَا». وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ.
وَالزِّنَا يَتَبَيَّنُ بِالشَّهَادَةِ، وَذَلِكَ يَكُونُ عِنْدَ الْحَاكِمِ؛ أَوْ بِالْحَمْلِ، وَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ السَّيِّدُ إلَى الْإِمَامِ، وَلَكِنَّهُ يُقِيمُهُ عَلَيْهَا بِمَا ظَهَرَ مِنْ حَمْلِهَا إذَا وَضَعَتْهُ وَفَصَلَتْ مِنْ نِفَاسِهَا؛ لِقَوْلِ عَلِيٍّ فِي الصَّحِيحِ: «إنَّ أَمَةً لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَنَتْ فَأَمَرَنِي أَنْ أَجْلِدَهَا الْحَدَّ، فَوَجَدْتهَا حَدِيثَةَ عَهْدٍ بِنِفَاسٍ، فَخِفْت إنْ أَنَا جَلَدْتهَا أَنْ أَقْتُلَهَا فَتَرَكْتهَا فَأَخْبَرْته. فَقَالَ: أَحْسَنْت». وَلِهَذَا خَاطَبَ السَّادَاتِ بِذِكْرِ الْإِمَاءِ اللَّاتِي يَتَبَيَّنُ زِنَاهُنَّ بِالْحَمْلِ، وَسَكَتَ عَنْ الْعَبِيدِ الَّذِينَ لَا يَظْهَرُ زِنَاهُمْ إلَّا بِالشَّهَادَةِ.
مَسْأَلَة دُخُول الذُّكُورُ تَحْت الْإِنَاثِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الْعَذَابِالْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: دَخَلَ الذُّكُورُ تَحْتَ الْإِنَاثِ فِي قَوْلِهِ: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} النساء: 25 بِعِلَّةِ الْمَمْلُوكِيَّةِ، كَمَا دَخَلَ الْإِمَاءُ تَحْتَ قَوْلِهِ: «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ»؛ بِعِلَّةِ سِرَايَةِ الْعِتْقِ وَتَغْلِيبِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ عَلَى حَقِّ الْمِلْكِ. وَأَبْيَنُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ فَهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} النور: 4 دُخُولَ الْمُحْصَنِينَ فِيهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مَسْأَلَة اخْتِلَاف النَّاس فِي قَوْله تَعَالَى ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَالْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: قَوْله تَعَالَى: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} النساء: 25: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْعَنَتِ عَلَى خَمْسَةِ أَقْوَالٍ:
الْأَوَّلُ: أَنَّهُ الزِّنَا؛ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ.
الثَّانِي: أَنَّهُ الْإِثْمُ.