الْيَدِ، وَغَسْلُهُمَا فِي الْوُضُوءِ مَرَّتَيْنِ: إحْدَاهُمَا عِنْدَ أَوَّلِ مُحَاوَلَةِ الْوُضُوءِ وَهُوَ سُنَّةٌ، وَالثَّانِيَةُ فِي أَثْنَاءِ الْوُضُوءِ، وَهُوَ فَرْضٌ. وَمَعْنَى غَسْلِهِمَا عِنْدَ الْوُضُوءِ تَنْظِيفُ الْيَدَيْنِ لِإِدْخَالِهَا فِي الْإِنَاءِ وَمُحَاوَلَةُ نَقْلِ الْمَاءِ بِهِمَا، وَلَا سِيَّمَا عِنْدَ الِاسْتِيقَاظِ مِنْ النَّوْمِ، فَقَدْ رَوَى جَمِيعُ الْأَئِمَّةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا؛ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ». وَرَوَى عُثْمَانُ وَغَيْرُهُ صِفَةَ وُضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكُلُّهُمْ ذَكَرُوا «أَنَّهُ غَسَلَ يَدَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ»، حَتَّى بَلَغَ مَكَانَهُمَا مِنْ عُلَمَائِنَا أَنْ جَعَلُوهُمَا مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ. فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا غَسَلَ يَدَيْهِ ثُمَّ تَمَضْمَضَ ثُمَّ تَمَادَى فِي الْوُضُوءِ ثُمَّ أَحْدَثَ فِي أَثْنَائِهِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ غَسْلَ يَدَيْهِ كَمَا يُعِيدُ مَا سَبَقَ مِنْ الْوُضُوءِ. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ: قَوْله تَعَالَى: {إِلَى الْمَرَافِقِ} المائدة: 6: فَذَكَرَهَا. وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وُجُوبِ إدْخَالِهِمَا فِي الْغَسْلِ.
وَعَنْ مَالِكٍ رِوَايَتَانِ، وَذَكَرَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَقَاوِيلَ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ {إِلَى} المائدة: 6 بِمَعْنَى مَعَ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} النساء: 2 مَعْنَاهُ مَعَ أَمْوَالِكُمْ.
الثَّانِي: أَنَّ {إِلَى} المائدة: 6 حَدٌّ، وَالْحَدُّ إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْمَحْدُودِ دَخَلَ فِيهِ، تَقُولُ: