ومنها: أن محاباة صاحب الجَيّد لا تبلغ أربعة أثمان قَطُّ، ولا تنقص عن ثلاثة أثمان قط، بل تكون بينهما، فإذا أردت أن تعرف قدرها، فانسب القفيز الرديء إلى الجيد، وخذ مثل تلك النسبة من الثمن الرابع، وإذا أردت أن تعرف ما يصح البيع فيه من القفيز، فانسب الرديء فيه إلى المحاباة في الأصل، وزد مثل تلك النسبة على التبرع، فالمبلغ هو الذي يصح فيه البيع، وإذا أردت أن تعرف ما يصحُّ فيه تبرع المقيل فانظر إلى تبرع بائع الجيد، واضربه في ثلاثة أبدا، وقابل الحاصل من الضَّرب بالقَفِيز الجيد، فما زاد على القفيز فهو تبرعه، فإن أَرَدْتَ أن تعرف ما صحَّت فيه الإِقَالة، فزد على تبرعه بمثل نسبة زيادتك على تَبَرُّع صاحبه، فالمبلغ هو الذي صحت الإقالة فيه.
مثاله في الصورة الأولى: نقول: القَفِيز الجَيَّد ثمانية والرديء أربعة، فالرديء نصف الجيد، فالتبرع في ثلاثة أثمان ونصف ثمن، وإذا نسبنا الرَّديء إِلَى أصل المُحَاباة وجدناه مثله، لأن المحاباة عشرة من عشرين، فنزيد على التبرع مثله يبلغ سبعة أثمان، فهو الذي صح البيع فيه، وإذا أردنا أن نعرف تبرع المقيل ضربنا تبرع الأول في ثلاثة تكون عشرة ونصفاً، وزيادة هذا المبلغ على الثَّمَانية اثنان ونصف، فعرفنا أن تَبَرّعه في ثمنين ونصف، فإن أردنا أن نعرف ما تصحُّ فيه الإقالة زدنا على الثمنين والنصف مثله تكون خمسة أثمان، ولا يخفى تخريج الصورة الأخرى ونحوها على هذه الطَّريقة -والله الموفق.
قال الغزالي: وَأَصَحُّ القَوْلَيْنِ أَنَّهُ لَو جَمَعَ بَيْنَ عَقْدَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ في صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ كَالإِجَارَةِ وَالسَّلَمِ، أَوِ الأِجَارَةِ وَالبَيْعِ، أَوِ النِّكَاحِ وَالبَيْعِ، مِثْلُ أَنْ يَقُول: زَوَّجْتُكَ جَارِيتِي وَبِعْتُكَ عَبْدِي بدينار، فَالعَقْدُ صَحْيحٌ وَإِن اخْتَلَفَتْ في الدَّوَامِ أَحْكامُهُمَا.
قال الرافعي: ذكرنا في أول الباب: أن الجمع في صَفْقَة واحدة بين شيئين؛ إما أن يكون في عقد واحد، أو في عقدين مختلفي الحكم، وقد فرغنا من القسم الأول.
وأما القسم الثاني: فإذا جمع في صفقة واحدة بين الإِجَارَة والسّلم، أو الإجارة والبيع، ففيه قولان (1):