. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .= ثالثاً: ألا يكون البائع قد شرط البراءة من كل عيب يوجد به فإن شرط شرطاً كهذا فلا خيار للمشتري عملاً بموجب الشرط الذي قبله وارتضاه. رابعاً: ألا يمكن مع ذلك إزالة العيب بسهولة وبدون كلفة، فإن أمكن ذلك أو كان العيب يسيراً لا ينقص القيمة في العادة، أو كان المبيع لا يخلو عن مثله في العادة فلا خيار للمشتري أيضاً. خامساً: وأن يكون العيب مع هذا كله باقياً وزال قبل أن يعلم به المشتري، فليس له الرد لزوال سببه وقالت الظاهرية له الرد، لأن العبرة بوجود العيب وقت البيع. وسواء بعد: هذا في ثبوت الخيار للمشتري، كان العيب جسيماً أو غير جسيم، ما دام ينقص القيمة أو يفوت به غرض صحيح، أو كان ظاهراً أو خفياً، ما دام قد ثبت أن المشتري لم يكن عالماً به وقت البيع، وسواء مع هذا علم البائع ودلس به على المشترى أو لم يعلم به. والعيب أعم من أن يكون راجعاً إلى نقص وصف كفساد حنطة وعرج حصان، أو نقص تصرف ككون العبد أعسر أي يعمل بيده الشمال دون اليمين؛ لأن الشمال في العادة أضعف من اليمين، وككون الأرض عليها حق ارتفاق للغير لا يعلم به المشتري، وهلم جرا من كل عيب ينقص القيمة أو يفوت به غرض من الأغراض التي يقصد المبيع من أجلها في العادة. وسواء أكانت هذه العيوب جبلية طبعية أو طارئة عارضة قضاء وقدراً، أو بفعل فاعل لا فرق بين هذا كله في أن المشتري يثبت به حق فسخ البيع أو المطالبة بالعوض من أجله. والعيب الذي: رد به المبيع فسره الشافعية بما ينقص القيمة أو العين نقصاً يفوت به غرض صحيح، وفسره المالكية بما ينقص الثمن، أو المبيع، أو التصرف، أو تخاف عاقبته كجذام الأبوين، وهو قريب من مذهب الشافعية، لأن كل ما ينقص القيمة ينقص الثمن عند المشتري، وكل ما ينقص التصرف أو تخاف عاقبته ينقص القيمة في العادة، وفسره الحنفية، والحنابلة، والظاهرية، بما ينقص الثمن في عرف التجار. وسواء كان نقص الثمن كبيراً أو يسيراً لا يفرق الفقهاء بين هذا، اللهم إلا الظاهرية شرطوا أن يكون نقصه بما لا يتغابن به التجار في العادة، ومن هذا يتضح أن نقص القيمة محل وفاق بين المذاهب، غاية الأمر شرط الظاهرية أن يكون النقص جسيماً لا يسيراً، وأما نقص العين -وإن لم ينقص القيمة ما دام يفوت به غرض صحيح- فهو مما انفرد به الشافعية والمالكية، وقد اختلفت المذاهب كثيراً في التطبيق تبعاً لاختلاف وجهة النظر في تفسير العيب، وللعرف الساري في العصور الذي وضعت فيه هذه المسائل المختلف عليها؛ لأن المرجع فيها أولاً وأخيراً إلى العرف وما دام العرف هو الحكم، فلنترك الخوض فيها تاركين الأمر لعرف التجار وأرباب البياعات. والفسخ بالعيب: هل هو فور الاطلاع على العيب أم أنه يمتد حتى يوجد دليل الرضا بالبيع؟. مذهب الشافعية -أن الرد بالعيب على الفور فليبادر المشتري بالرد على العادة فلو كان يأكل فعلم بالعيب فهو ممهل حتى يفرغ منه، أو كان في صلاة فحتى يتمها، وإن علم ليلًا وشق عليه الرد فيه فحتى يصبح. فالمراد من الفورية عندهم هو المبادرة بالرد على العادة، بحيث لا يعذر إذا تأخر. فلو أراد أن يرفع الأمر إلى القاضي فعليه أن يشهد على أنه يريد الفسخ، ولا يكتفي بمجرد إبداء رغبته في إنهاء الأمر إلى القاضي. وإنما ذهبوا هذا المذهب، لأن الأصل في البيع هو اللزوم، وجواز الفسخ عارض له للحاجة فيتقدر بقدرها، وهي تندفع بمضي وقت =