. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .= البقر، وصيغة الحديث العامة محمولة على الصيغة الخاصة؛ لأن الحديث في الأصل واحد -وإن تعددت طرقه ورواياته-. وأيضاً الأصل في البيع هو اللزوم، فلا يعدل عنه إلا لدليل، والدليل لم إلا في بهيمة الأنعام، وليس غيرها مثلها حتى يقاس عليها. الثالثة: هل لا بد في البيع من أن يكون تمراً أم يكفي صاع من طعام غير التمر؟ الصحيح من مذهبي الشافعية والحنابلة هو تعين التمر، وهو أيضاً مذهب الظاهرية، لأن أغلب الأحاديث نصت عليه؛ ولأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: "صَاعاً مِنْ تَمْرٍ لا سَمْرَاءَ" والسمراء هي الحنطة، وإذا لم تجز عن التمر فغيرها من باب أولى. والصيغة العامة: "صَاعاً مِنْ طَعَامٍ" مراد منها خاص هو التمر؛ لأنه المطعوم في ذلك الزمان جمعاً بين الأحاديث. والروايات الأخر التي تنص على غير التمر ضعيفة، وفي بعض طرقها من اشتهر بالوضع والكذب. والتمر يشترط فيه أن يكون وسطاً، لا جيداً ولا رديئاً، ولو أخرج الجيد فقد تطوع خيراً. والصحيح من مذهب المالكية أنه يكفي غالب قوت البلد كزكاة الفطر، والنص على التمر؛ لأنه كان غالب قوتهم في هذا الأوان. ولأن صيغة: "صَاعاً مِنْ طَعَامٍ" عامة والنص على التمر لا يخصصها؛ لأنه فرد من أفراد العام حكم عليه بحكم العام. وصيغة: "صَاعاً مِنْ تَمْرٍ لاَ سَمْرَاءَ" لم يقصد منها سوى أن إيجاب السمراء لا يتعين رفقاً بالمشتري. وأيضاً إلزام التمر فيه حرج شديد، ومشقة كبيرة لا سيما في البلاد التي لا يوجد فيها أو يوجد ولكن بقلة. ويرى ابن قيم الجوزية أن هذا المذهب أعدل المذاهب. فإن فقد التمر فما الحكم عند الشافعية ومن لف لفهم؟ أما عند الشافعية فالواجب قيمة بالمدينة، وقيل قيمة أقرب بلاد التمر إليه. وأما عند الحنابلة والظاهرية فالواجب قيمة في موضع الفقد. الشافعية على القولين نظروا إلى محله الذي يكثر فيه؛ فأوجبوا القيمة باعتباره رفقاً بالمشتري؛ لأنه غارم والحنابلة نظروا إلى محل وجوب التمر فأوجبوا القيمة باعتباره. الرابعة: هل يتعدد الصاع بتعدد المصراة أم الواجب فيها كلها صاع واحد؟. الظاهرية على أن الواجب صاع واحد، سواء كانت المصراة واحدة أو اثنتين، أو ألفاً، أو أكثر، وهذا أيضاً مذهب أكثر المالكية، وحجتهم في ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنِ اشْتَرَى غَنَماً مِصْرَاةً فَاحْتَلَبَهَا فَإِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا فَفِي حَلْبَتِهَا صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ" حيث جعل الصاع في حلبة الغنم، وهو صادق بأي جمع كان. ولأن كثرة اللبن غير منظور إليها بدليل إيجاب الصاع في لبن البقرة، وهو فوق لبن الشاة. والشافعية والحنابلة والمالكية على الراجح لديهم على أن الصاع يتعدد بتعدد المصراة. وحجتهم هي قوله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنِ اشْتَرَى مِصْرَاةً" وهو يتناول الواحدة على انفراد والواحدة في ضمن الكل فيكون في كل واحدة من المجموع صاع. ولأن الواجب في شيء على انفراد يتعدد بتعدده عند الاجتماع. الخامسة: اتفق الكل على أن المشتري إذا اختار إمساك المصراة أمسكها بثمنها المتفق عليه، وليس له أن يطالب بأرش النقص الحاصل؛ بسبب التصرية كخيار العيب بل هنا أولى؛ لأن المببع سليم؛ ولأنه -عليه الصلاة والسلام- قال: "فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَن يَحْلُبَهَا إِمَّا هِيَ، وَإِلاَّ فَلْيَرُدَّهَا وَصَاعاً مِنْ تَمْرٍ". وقوله: "إِمَّا هِيَ" مشعر بذلك ودال عليه. السادسة: لو رضي بالمصراة فأمسكها، ثم وجد بها عيباً فردها من أجله، فهل يجب عليه الصاع أم لا يجب؟ الشافعية والحنابلة على أن المشتري يجبر على وقع الصاع لأنه بدل اللبن، =