الأصل في البيع اللزوم، فإذا أمكنه الرَّد وقصّر لزمه حكمه، ولا يتوقف على حضور الخَصْم وقضاء القاضي، وقال أبو حنيفة: إن كان قبل القبض، فلا بد من حضور الخصم ولا يشترط رضاه، وإن كان بعده، فلا بد من رضاه أو قضاء القاضي، لنا ما مر في خيار الشرط.
إذا تقرر ذلك فالمبادرة إلى الرد معتبرة بالعادة، فلا يؤمر بالعَدْوِ والرَّكض ليرد، ولو كان مشغولاً بصلاة أو أكل أو قضاء حاجة، فله التأخير إلى أن يفرغ، وكذا لو اطلع حين دخل وقت هذه الأمور فاشتغل بها فلا بأس، وكذا لو لبس ثوباً أو أغلق باباً، ولو وقف عليه ليلًا، فله التأخير إلى أنْ يصبح (1). وإذا لم يكن عذر، فقد ذكر حجة الإسلام هاهنا وفي "الوسيط": أنه إن كان البائع حاضراً يرد عليه، وإن كان غائباً تلفَّظ بالرد، وأشهد عليه شاهدين، فإن عجز حضر عند القاضي وأعلمه الرد، ولو رفع إلى القاضي، والمردود عليه حاضر.
قال في "الوسيط": هو مقصر، وأشار في "النهاية" إلى خلاف فيه، وقال: هذا ظاهر المذهب، لكنه ذكر في الشّفْعَة: أن الشفيع لو ترك المشتري، وابتدر إلى مجلس الحكم واسْتَعْدَى عليه، فهو فوق مطالبة المشتري؛ لأنه ربما يحوجه آخراً إلى المرافعة، وحكيا معاً وجهين فيما إذا تمكَّن من الإشهاد فتركه، ورفع إلى القاضي، وفي الترتيب المذكور إشكال؛ لأن الحضور في هذا الموضع، إما أن يعني به الاجتماع في المجلس أو السكون في البلدة.
فإن كان الأول، فإذا لم يكن البائع عنده، ولا وجد الشهود لم يسع إلى القاضي، ولا يسعى إلى البائع، واللائق بمن يمنع من المبادرة إلى القاضي، إذا وجد البائع أن