كِتَابُ الوَدِيعةِقَالَ الْغَزَالِيُّ: وَحَقِيقَتُهَا اسْتِنَابَةٌ في حِفْظِ المَالِ، وَأَرْكَانهَا كَأَرْكَانِ الوِكَالَةِ، وَصِيغَتُهَا كَصِيغَتِهَا.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: استأنس العلماء في الباب بقوله تعالَى: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} النساء: 58 وبقوله تعالَى: {فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} البقرة: 283 وبما روِيَ أنَّه -صلى الله عليه وسلم- قال: "أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنْ ائْتَمَنَكَ، وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ" (1). والوديعةُ: هي المالُ الموضوعُ عند الغيْر؛ ليحفظه (2)، والجَمْعُ "الودائع"، واستودعه الوديعة، أي: استحْفَظَهُ إياها.
وعن الكسائي -رحمه الله تعالى- يقال: "أودعْتُهُ كذا، إذا دفَعْتُ إليه الوديعة، وأودعته كذا، إذا دَفَعَ إليك الوديعةَ، فقبلتها فهي من أسماء الأضداد، والمشهورُ في الاستعمال المعنَى الأول، وقد ذكر أنَّ اللَّفْظ مشتقٌّ من الدعة، وهي الحفظ والرَّاحَةُ، ويقال: وَدَعَ الرجلُ، فهو وديعٌ ووادع؛ لأنَّها في دَعَةٍ عند المودَع، لا تبدَّل ولا