قَالَ الرَّافِعِيُّ: صدقة التطوُّع مستحبةٌ؛ قال الله تعالَى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} البقرة- 245 الآيةَ، وعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: "لِيَتَصَدَّقِ الرَّجُلُ من دِينَارِهِ، وَلْيَتَصَدَّقْ من دِرْهَمِهِ وَلْيَتَصَدَّقْ من صَاع بُرَّهِ" (1)، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"يَمْتَنِعُ مِنْ قَبُولِ الصَّدَقَةِ" (2) وهل كانت محرَّمة عليه؟ فيه قولان، حكاهما الشيخ أبو حامد والقَفَّال:
أحدهما: لا؛ لأن الهديَّة لا تحرُمُ عليه، فكذلك الصدقة لذوي القربَى، وكانَ امتناعه ترفُّعاً وتورعاً.
وأظهرهما: نعم؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّا أَهْلُ بَيتٍ لاَ تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ" (3) وأما ذو القربَى، فالمشهور أنه لا يحرم عليهم صدقةُ التطوُّع، روي عن جعفرِ بنِ محمَّدٍ عن أبيه -رضي الله عنهم-: "أنَّه كَانَ يَشْرَبُ من سِقَايَاتِ بِئْرِ مَكَّةَ وَالمَدِينَةِ، فَقِيلَ لَهُ: أَتَشْرَبُ مِنَ الصَّدقَةِ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْنَا الصَّدَقَةَ المَفْرُوضَةَ" (4).
وفي "التتمة" حكايةُ قول آخر: أنه يَحْرُمُ الصدقة عليهم؛ لظاهر قوله: "لا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ"، وتحل الصدقة للأغنياء والكفار، وصرفها سراً أفضلُ؛ قال الله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ} البقرة:271 الآية.
وعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أَنَّ صَدَقَةَ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ" (5) وصرفها إلى الجيران أفضلُ، وإلى كل من هو أقربُ جواراً أفضلُ؛ روي عن عائشة -رضي الله عنها-: "أَنَّها قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إنَّ لِي جَارَيْنِ، فإلَى أيُّتهما أَهْدَي؟ فَقَال -صلى الله عليه وسلم-: "إِلَى