رأَى، بكَشْحِهَا بياضاً، فَرَدَّهَا إلى أَهْلِهَا، وقال: "دَلَّسْتُمْ عَلَيَّ" (1) وأيضاً فالنكَاحُ معاوضةٌ تَقْبَلُ الانفِساخ، فَجَازَ فَسْخُهَا بالعَيْب، كالعيب بالبَيْعِ إلاَّ أن المقْصُود في البَيْع الماليَّةَ، فيؤثِّر فيه كُلُّ عَيْبٍ يقْدَحُ في المالية، والمقصود ههنا الاستمتاع، فيعتبر ما يحلُّ به إما بأن يمنع منه حقيقةً؛ كالجَبِّ والرَّتْقِ أو يُنفِّر نفرةً قويةً، إمَّا للخَوْفِ على النَّفْس والمال، وَذَلِكَ بسبب الجُنُونِ، أو لعيافةِ الطَّبْع، وخوفِ التعدِّي، كما في الجُذَامِ ثُمَّ في الْفَصْلِ مَسْألَتَانِ:
الأولَى: ظاهر المذهب أن ما سِوَى هَذَهِ الْعُيُوب المذكورة لا يُثْبتُ الخيارُ (2)، وعن الشَّيخِ زَاهِرِ السَّرْخَسِيِّ (3): أن البَخَرَ والصُّنَانَ إَذا لم يَقْبَلاَ العَلاج (4) يُثْبِتَانِ الخيار؛ لأنهما يُوْرثَانِ النُّفْرَةَ، ويجري الخلافُ، فِيْمَا إِذا وَجَدَهَا عَذْيُوطَة، أو وجدته، عِذْيُوطاً، والعِذْيُوطُ هو الذي يَخْرَى عِنْدَ الْجِمَاعِ وزاد القَاضِي حُسْيْنُ وَغَيْرُهُ، فأثبتوا الخِيَارَ بالاسْتِحَاضَةِ، والعُيُوبُ الَّتِي تجتمع؛ فتنفِّر تنْفِيرَ (5) البَرَصِ، وتكسر شهوة التَّائِقِ؛ كالقرُوحِ السَّائِلَةِ، وما في مَعْنَاهَا، ويقال: إنَّ الشَّيخَ أَبَا عَاصِمٍ حَكَاهُ قَوْلاً عَن الشَّافِعِيِّ -رَضِي اللهُ عَنْهُ-.
الثَّانِيَةُ: إذَا وَجَدَ أَحَدُ الزَّوجَينِ الآخَرَ خُنثَى؟ فِيهِ قَوْلاَنِ:
أحَدُهُمَا: أنَّ لَهُ الخِيَارَ لتعيره بالمقام معه، ولنفرة الطَّبْعِ.
وأصحهما: على ما ذكره المحَامِلِيُّ وغيره: أنه لا خِيَارَ؛ لأنه لا يفوِّت مقصود النكاح، وَذَلِكَ سلْعةٌ أو ثُقْبة زائدةٌ. وفي مَحَلِّ الْقَولَينِ طُرُقٌ:
أَصَحُّهُمَا: أَنَّ القولَيْن فيما إذا اختار الذكورة، فَنَكَحَ امرأةَ أو الأنوثةَ، فَنَكَحَتْ رَجُلاً، فَإِنَّهُ قد تبيَّن خلافُ الاختيار، أمَّا إِذَا اتَّضَحَ الْحَالُ بِالْعَلاَمَاتِ الدَّالَّةِ على الذكورة أو الأنوثة، فَلاَ خِيَارَ.