أَحدُهما: أن المرادَ من الشعر شعرُ الرأْسِ، ومن البَشَرِ شعرُ البدَنِ، وعلى هذا لا يكره تَقْلِيمُ الأَظْفَارِ.
والثَّانِي: أن المرادَ من البَشَرِ تقليمُ الأَظْفار. وكذا قوله: "فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّة"؛ لأنه حكى وجه؛ أن الحلْقَ والقَلْمَ لا يكرهانِ باستهلالِ ذي الحجَّة، وإنما يكرهان إذا دخل العشْرُ واشترى أُضْحيةً أَوْ عيَّن (1) واحدةً مِنْ مَوَاشِيَه للتضحية.
قال الغَزَالِيُّ: (النَّظَرُ الثَّانِي في
أحْكَامِ الضَّحَايَا) وَهِيَ ثَلاَثَةٌ: (الحُكْمُ الأَوَّلُ) إِذَا قَالَ: جَعَلْتُ هَذِهِ الشَّاةَ ضَحِيَّةً فَمَاتَتْ فَلاَ شيْء عَلَيْهِ وَإِنْ عَيَّنَها عَنْ نَذْرٍ سَابِقٍ وَقُلْنَا تَتَعَيَّنُ فَمَاتَتْ فَفِي وُجُوبِ الإِبْدَالِ وَجْهَان* وَإِنْ أَتْلَفَهَا أَجْنَبِيٌّ فَيَشْتَرِي بِقِيمَتِهَا أُخْرَى* فَإِنْ لَمْ تَفِ القِيمَةُ بِشَاةٍ كَامِلَةٍ اشْتَرَى بِهَا شِقْصاً لِلضَّرُورَةِ* وَعَلَى وَجْهٍ يُصْرَفُ مَصْرِفَ الضَّحَايَا* وَلَوْ أَتْلَفَ المَالِكُ وَنَقَصَتِ القِيمَةُ فَفِي وُجُوبِ التَّكْمِيلِ عَلَيْهِ وَجْهَانِ* وَلَوْ زَادَتْ القِيمَةُ اشْتَرَى بِهَا كَرِيمَةً* فَإنْ لَمْ يُوجَدْ فَشِقْصٌ آخَرُ عَلَى وَجْهٍ* وَعَلَى وَجْهٍ يَشْتَرِي خَاتَماً فَيَتَخَتَّمُ بِهِ أَوْ بِصَرْفه مَصْرِفَ الضَّحَايَا.
قال الرَّافِعِيُّ: النظرُ الثانِي: حضر أحكام الضَّحَايَا في ثلاثة أنواع:
أحدُها: فيما يتعلّقُ بتلَفِها وإِتْلاَفِها، ويقدم عليه أن الأُضْحيةَ المعيَّنةَ، والهدْيَ المعيَّن يزول مِلْكُ المتقرِّب عنهما، ولا ينفذ تصرفُه ببيع، أو هِبَةٍ وإبْدَالٍ بمثله وبخير منه؛ لما روي أن عُمَرَ -رضي الله عنه- قال: قلتُ: يا رسولَ الله؛ إني أوجبتُ على نَفْسِي بَدَنَةً وهي تُطْلَبُ مِنِّي بِنُوقٍ فقال -عليه السلام-: "انْحَرْهَا وَلاَ تَبِعْهَا وَلَوْ طُلِبَتْ بمِائَةِ بَعِير" (2).
وعن عَلِيٍّ -رضي الله عنه- أنه قال: مَنْ عَيَّنَ أضحيةً فلا يستبدلَ بها (3).
وفي "شَرْح الفُرُوعِ" للشيخ أَبِي عَلِيّ وجهٌ آخرُ: أنه لا يزولُ المِلْكُ عنه حتى يَذبَحَ ويتصدَّقَ باللحم. كما لو قال: لله عليّ أن أعْتِقَ هذا العبْدَ، لا يزولُ مِلْكُه إِلاَّ بإعتاقِه (4)، ولكن الفرْقَ ما تقدَّمَ.