وروي «عن أبي يونس - مولى عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: أنه قال: (أمرتني عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: أن أكتب لها مصحفًا، وقالت: إذا بلغت هذه الآية: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} البقرة: 238 فآذني. فلما بلغتها آذنتها، فأملت علي: حافظوا على الصلوات، وصلاة العصر، والصلاة الوسطى، ثم قالت: سمعتها من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» .
ولأن صلاة الصبح يدخل وقتها والناس في أطيب نوم، فخصت بالذكر، حتى لا يتغافل عنها.
مسألة وقت أهل العذر والضرورةقد مضى الكلام على وقت المقام والرفاهية، والكلام هاهنا في وقت أهل العذر والضرورة، وهم: الصبي إذا بلغ، والمجنون والمغمى عليه إذا أفاقا، والحائض والنفساء إذا طهرتا. سموا بهذا الاسم؛ لأنهم كانوا معذورين عن الفرض، مضطرين إلى تركه. وفي معناهم: الكافر إذا أسلم، وإنما جعلناه من المعذورين؛ لأن بإسلامه سقطت عنه المؤاخذة بما تركه في حال الكفر.
فإذا زالت أعذارهم، أو عذر واحد منهم، وقد بقي من الوقت قدر ركعة. . لزمه فرض الوقت؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس. . فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس. . فقد أدرك العصر» .
وإن أدرك من الوقت دون الركعة. . ففيه قولان:
أحدهما: لا يلزمه - وهو قول مالك - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، واختيار أبي إسحاق المروزي - لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس. . فقد أدرك الصبح» . فدل على: أنه لا يكون مدركًا بما دونها.