عَلَى الْقَوْمِ وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَيَقُولُونَ مَاذَا أراد الله بهذا مثلا} فَإِذَا جَعَلْتَ مَاذَا بِمَعْنَى الَّذِي فَمَفْعُولُ أَرَادَ مُتَقَدِّمٌ عَلَيْهِ وَإِنْ جَعَلْتَ ذَا وَحْدَهُ بِمَعْنَى الَّذِي فَيَكُونُ مَفْعُولُ أَرَادَ مَحْذُوفًا وَهُوَ ضَمِيرُ ذَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَثَلًا مَفْعُولَ أَرَادَ لِأَنَّهُ أَحَدُ مَعْمُولَيْهِ وَلَكِنَّهُ حَالٌ.
فَصْلٌ.
وَقَدْ كَثُرَ حَذْفُ مَفْعُولِ أَشْيَاءَ غَيْرُ مَا سَبَقَ مِنْهَا الصَّبْرُ، نَحْوَ: {فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تصبروا} {اصبروا وصابروا} .
وَقَدْ يُذْكَرُ نَحْوَ: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يدعون ربهم} قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْحُجُرَاتِ: قَوْلُهُمْ: صَبَرَ عَنْ كَذَا مَحْذُوفٌ مِنْهُ الْمَفْعُولُ وَهُوَ النَّفْسُ.
وَمِنْهَا: مَفْعُولُ رَأَى كَقَوْلِهِ: {أَعِنْدَهُ عِلْمُ الغيب فهو يرى} .
قَالَ الْفَارِسِيُّ: الْوَجْهُ أَنَّ يَرَى هُنَا لِلتَّعْدِيَةِ لِمَفْعُولَيْنِ لِأَنَّ رُؤْيَةَ الْغَائِبِ لَا تَكُونُ إِلَّا علما والمعنى عيه قوله: {عالم الغيب} وَذِكْرُهُ الْعِلْمَ، قَالَ: وَالْمَفْعُولَانِ مَحْذُوفَانِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: فَهُوَ يَرَى الْغَائِبَ حَاضِرًا أَوْ حُذِفَ كَمَا حُذِفَ فِي قَوْلِهِ: {أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تزعمون} ، أَيْ تَزْعُمُونَهُمْ إِيَّاهُمْ.