وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رحمة ربي} ، تَقْدِيرُهُ: لَوْ تُمَلَّكُونَ، تَمْلِكُونَ فَأَضْمَرَ تُمَلَّكُ الْأُولَى عَلَى شَرِيطَةِ التَّفْسِيرِ وَأُبْدِلَ مِنَ الضَّمِيرِ الْمُتَّصِلِ الَّذِي هُوَ الْوَاوُ ضَمِيرٌ مُنْفَصِلٌ وَهُوَ أَنْتُمْ لِسُقُوطِ مَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنَ الْكَلَامِ فَـأنتم فاعل الفعل المضمر وتملكون تَفْسِيرُهُ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هَذَا مَا يَقْتَضِيهِ الْإِعْرَابُ فَأَمَّا مَا يَقْتَضِيهِ عِلْمُ الْبَيَانِ فَهُوَ أَنَّ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ فِيهِ دَلَالَةً عَلَى الِاخْتِصَاصِ وَأَنَّ النَّاسَ هُمُ الْمُخْتَصُّونَ بِالشُّحِّ الْمُتَتَابِعِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْفِعْلَ الْأَوَّلَ لَمَّا سَقَطَ لِأَجْلِ الْمُفَسَّرِ بَرَزَ الْكَلَامُ فِي صُورَةِ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ.
وَمِنْ حَذْفِ الْجَوَابِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} ، أَيْ أَعْرَضُوا؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ: {إِلَّا كَانُوا عنها معرضين} وَقَوْلُهُ فِي قِصَّةِ إِبْرَاهِيمَ فِي الْحِجْرِ: {فَقَالُوا سلاما قال إنا منكم وجلون} وفي غيرها من السور: {قالوا سلاما} {قال سلام} قَالَ الْكَرْمَانِيُّ: لِأَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ مُتَأَخِّرَةٌ عَنِ الْأُولَى فَاكْتَفَى بِمَا فِي هَذِهِ وَلَوْ ثَبَتَ تَعَدُّدُ الْوَقَائِعِ لَنَزَلَتْ عَلَى وَاقِعَتَيْنِ.