وَمِنْهُ تَقْدِيمُ الْمَحْوِ عَلَى الْإِثْبَاتِ فِي قَوْلِهِ: {يمحوا الله ما يشاء ويثبت} فإن قبله: {لكل أجل كتاب} وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الْمَحْوُ أَقَلُّ مِمَّا يَقَعُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَلَا سِيَّمَا على قراءة تشديد يُثَبِّتُ فَإِنَّهَا نَاصَّةٌ عَلَى الْكَثْرَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ الِاسْتِمْرَارُ لَا الِاسْتِئْنَافُ.
وَقَوْلُهُ: {وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ ويحق الحق بكلماته} .
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قبلك وجعلنا لهم أزواجا} ، قَدَّمَ "رُسُلًا" هُنَا عَلَى "مِنْ قَبْلِكَ" وَفِي غَيْرِ هَذِهِ بِالْعَكْسِ لِأَنَّ السِّيَاقَ هُنَا فِي الرُّسُلِ.
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ} قَدَّمَ الْقَبْضَ لِأَنَّ قَبْلَهُ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كثيرة وَكَانَ هَذَا بَسْطًا فَلَا يُنَاسِبُ تِلَاوَةَ الْبَسْطِ فَقَدَّمَ الْقَبْضَ لِهَذَا وَلِلتَّرْغِيبِ فِي الْإِنْفَاقِ لِأَنَّ الْمُمْتَنِعَ مِنْهُ سَبَبُهُ خَوْفُ الْقِلَّةِ فَبَيَّنَ أَنَّ هَذَا لَا يُنْجِيهِ فَإِنَّ الْقَبْضَ مُقَدَّرٌ وَلَا بد.
العاشر: مراعاة اشتقاق اللفظ.
كقوله: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ} .
{علمت نفس ما قدمت وأخرت} .
{ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر} .