نَقَلَ ابْنُ رَشِيقٍ هَذِهِ الْحِكَايَةَ فِي الْعُمْدَةِ وَصَوَّبَهَا.
قَالَ ابْنُ الْمُنَيِّرِ: وَوَقَعَ لِي أَنَّ الأصمعي وخلف الْأَحْمَرَ وَابْنَ رَشِيقٍ أَخْطَئُوا جَمِيعًا وَأَصَابَ جَرِيرٌ وحده لأنه لم يرد إلا فيالك يَوْمُ خَيْرٍ لَا شَرَّ فِيهِ وَأَطْلَقَ قَبْلَ لِلنَّفْيِ كَمَا قُلْنَاهَا، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَنَفِدَ البحر قبل أن تنفد كلمات ربي} وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عمد ترونها} وَقَوْلِهِ: {أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لهم آذان يسمعون بها} ، فَإِنَّ ظَاهِرَهُ نَفْيُ هَذِهِ الْجَوَارِحِ وَالْحَقِيقَةُ تُوجِبُ نَفْيَ الْآيَةِ عَمَّنْ يَكُونُ لَهُ فَضْلًا عَمَّنْ لَا يَكُونُ لَهُ.
وَقَوْلُهُ: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ علم} ، فَالْمُرَادُ لَا ذَاكَ وَلَا عِلْمَكَ بِهِ أَيْ كِلَاهُمَا غَيْرُ ثَابِتٍ.
وَقَوْلُهُ: {بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ ما لم ينزل به سلطانا} ، أَيْ شُرَكَاءَ لَا ثُبُوتَ لَهَا أَصْلًا وَلَا أنزل الله بإشراكها حجة وَإِنْزَالُ الْحُجَّةِ كِلَاهُمَا مُنْتَفٍ.
وَقَوْلُهُ: {أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بما لا يعلم} ، أي ما لاثبوت لَهُ وَلَا عِلْمُ اللَّهِ مُتَعَلِّقًا بِهِ نَفْيًا لِلْمَلْزُومِ وَهُوَ النِّيَابَةُ بِنَفْيِ لَازِمِهِ وَهُوَ وُجُوبُ كَوْنِهِ مَعْلُومًا لِلْعَالِمِ بِالذَّاتِ لَوْ كَانَ لَهُ ثُبُوتٌ بِأَيِّ اعْتِبَارٍ كَانَ.
وَقَوْلُهُ: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تقبل توبتهم} .