وفي موضع: {بل أنتم قوم مسرفون}
والمراد تعديد خطاياهم واتصافهم بهذه الصفات وبل لَمْ يَنْوِ مَا أَضَافَهُ إِلَيْهِمْ مِنْ إِتْيَانِ الذُّكُورِ وَالْإِعْرَاضِ عَنِ الْإِنَاثِ بَلِ اسْتَدْرَكَ بِهَا بَيَانَ عُدْوَانِهِمْ وَخَرَجَ مِنْ تِلْكَ الْقِصَّةِ إِلَى هَذِهِ الْآيَةِ
وَزَعَمَ صَاحِبُ الْبَسِيطِ وَابْنُ مَالِكٍ أَنَّهَا لَا تَقَعُ فِي الْقُرْآنِ إِلَّا بِهَذَا الْمَعْنَى وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ لِمَا سَبَقَ وَكَذَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي شَرْحِ الْمُفَصَّلِ إِبْطَالُ مَا لِلْأَوَّلِ وَإِثْبَاتُهُ لِلثَّانِي إِنْ كَانَ فِي الْإِثْبَاتِ نَحْوُ جَاءَ زَيْدٌ بَلْ عَمْرٌو فَهُوَ مِنْ بَابِ الْغَلَطِ فَلَا يَقَعُ مِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ وَلَا فِي كَلَامٍ فَصِيحٍ وَإِنْ كَانَ مَا فِي النَّفْيِ نَحْوُ مَا جَاءَنِي زَيْدٌ بَلْ عَمْرٌو وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ الْغَلَطِ يَكُونُ عَمْرٌو غَيْرَ جَاءٍ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُثْبَتًا لِعَمْرٍو الْمَجِيءُ فَلَا يَكُونُ غَلَطًا انْتَهَى
ومنه أيضا: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فصلى بل تؤثرون الحياة الدنيا}
وَقَوْلِهِ: {وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يظلمون بل قلوبهم في غمرة}
وَقَوْلُهُ: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ بَلِ الَّذِينَ كفروا في عزة وشقاق} ، ترك الكلام الأول وأخذ بـ "بل" فِي كَلَامٍ ثَانٍ ثُمَّ قَالَ حِكَايَةً عَنِ المشركين {أأنزل عليه الذكر من بيننا} ثُمَّ قَالَ {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذكري} ثم ترك الكلام الأول وأخذ ب بل فِي كَلَامٍ آخَرَ فَقَالَ: {بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عذاب}