الثَّانِي: اعْلَمْ أَنَّكَ مَتَى رَأَيْتَ بَلَى أَوْ نعم بعد الكلام يَتَعَلَّقُ بِهَا تَعَلُّقَ الْجَوَابِ وَلَيْسَ قَبْلَهَا مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا لَهُ فَاعْلَمْ أَنَّ هُنَاكَ سُؤَالًا مُقَدَّرًا لَفْظُهُ لَفْظُ الْجَوَابِ وَلَكِنَّهُ اخْتُصِرَ وَطُوِيَ ذِكْرُهُ عِلْمًا بِالْمَعْنَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فله أجره عند ربه} ،فَقَالَ: الْمُجِيبُ بَلَى وَيُعَادُ السُّؤَالُ فِي الْجَوَابِ
وَكَذَا قَوْلُهُ: {بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ به خطيئته} ، لَيْسَتْ بَلَى فِيهِ جَوَابًا لِشَيْءٍ قَبْلَهَا بَلْ مَا قَبْلَهَا دَالٌّ عَلَى مَا هِيَ جَوَابٌ لَهُ وَالتَّقْدِيرُ لَيْسَ مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ خَالِدًا فِي النَّارِ أَوْ يُخَلَّدُ فِي النَّارِ فَجَوَابُهُ الْحَقُّ بَلَى
وَقَدْ يُكْتَفَى بِذِكْرِ بَعْضِ الْجَوَابِ دَالًّا عَلَى بَاقِيهِ كَمَا قال تعالى: {بلى قادرين} أَيْ بَلَى نَجْمَعُهَا قَادِرِينَ فَذِكْرُ الْجُمْلَةِ بِمَثَابَةِ ذكر الجزاء من الجملة وكاف عنها
الثالث: مِنَ الْقَوَاعِدِ النَّافِعَةِ أَنَّ الْجَوَابَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ لِمَلْفُوظٍ بِهِ أَوْ مُقَدَّرٍ
فَإِنْ كَانَ المقدر فَالْجَوَابُ بِالْكَلَامِ، كَقَوْلِكَ لِمَنْ تُقَدِّرُهُ مُسْتَفْهِمًا عَنْ قِيَامِ زَيْدٍ قَامَ زَيْدٌ أَوْ لَمْ يَقُمْ زَيْدٌ وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَقُولَ نَعَمْ وَلَا لَا لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ مَا يَعْنِي بِذَلِكَ وإن كان الجواب الملفوظ بِهِ فَإِنْ أَرَدْتَ التَّصْدِيقَ قُلْتَ نَعَمْ وَفِي تَكْذِيبِهِ بَلَى فَتَقُولُ فِي جَوَابِ مَنْ قَالَ أَمَا قَامَ زَيْدٌ نَعَمْ إِذَا صَدَّقْتَهُ وَبَلَى إِذَا كَذَّبْتَهُ
وَكَذَلِكَ إِذَا أَدْخَلْتَ أَدَاةَ الِاسْتِفْهَامِ عَلَى النَّفْيِ وَلَمْ تُرِدِ التَّقْرِيرَ بَلْ أَبْقَيْتَ الكلام