كِلَا وَكِلْتَا
هُمَا تَوْكِيدُ الِاثْنَيْنِ وَفِيهِمَا مَعْنَى الإحاطة ولهذا قال الرَّاغِبُ هِيَ فِي التَّثْنِيَةِ كَكُلٍّ فِي الْجَمْعِ وَمُفْرَدُ اللَّفْظِ مُثْنَى الْمَعْنَى عَبَّرَ عَنْهُ مَرَّةً بِلَفْظِهِ وَمَرَّةً بِلَفْظِ الِاثْنَيْنِ اعْتِبَارًا بِمَعْنَاهُ قَالَ تَعَالَى: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كلاهما}
قُلْتُ: لَا خِلَافَ أَنَّ مَعْنَاهَا التَّثْنِيَةُ وَاخْتُلِفَ فِي لَفْظِهَا فَقَالَ الْبَصْرِيُّونَ مُفْرَدَةٌ وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ تَثْنِيَةٌ.
وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، بِدَلِيلِ عَوْدِ الضَّمِيرِ إِلَيْهَا مفردا في قوله: {كلتا الجنتين آتت} .
فَالْإِخْبَارُ عَنْ كِلْتَا بِالْمُفْرَدِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا مُفْرَدٌ إِذْ لَوْ كَانَ مُثَنًّى لَقَالَ آتَتَا وَدَلِيلُ إِضَافَتِهَا إِلَى الْمُثَنَّى فِي قَوْلِهِ: {أَحَدُهُمَا أو كلاهما} .
وَلَوْ كَانَ مُثَنًّى لَمْ يَجُزْ إِضَافَتُهُ إِلَى التَّثْنِيَةِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِضَافَةُ الشَّيْءِ إِلَى نَفْسِهِ وَالْفَصِيحُ مُرَاعَاةُ اللَّفْظِ لِأَنَّهُ الَّذِي وَرَدَ بِهِ الْقُرْآنُ فَيُقَالُ كِلَا الرَّجُلَيْنِ خَرَجَ وَكِلْتَا الْمَرْأَتَيْنِ حَضَرَتْ.
وَقَدْ نَازَعَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَقَالَ لَيْسَ مَعْنَاهُ التَّثْنِيَةَ عَلَى الْإِطْلَاقِ كَمَا ذَكَرَهُ النحاة ولو كان كذلك لكثرة مراعاة المعنى كما كثرة مراعاته في من وما الْمَوْصُولَتَيْنِ لَكِنَّ أَكْثَرَ مَا جَاءَ فِي لِسَانِ العرب عود الضمير مفردا كلتا الجنتين آتت وَمَا جَاءَ فِيهِ مُرَاعَاةُ الْمَعْنَى فِي غَايَةِ الْقِلَّةِ قَالَ فَالصَّوَابُ أَنَّ مَعْنَاهَا مُفْرَدٌ صَالِحٌ لِكُلٍّ مِنَ الْأَمْرَيْنِ الْمُضَافِ إِلَيْهِمَا وَأَمَّا مُرَاعَاةُ التَّثْنِيَةِ فِيهِ فَعَلَى سَبِيلِ التَّوَسُّعِ وَوَجْهُ التَّوَسُّعِ أَنَّ كُلَّ فَرْدٍ فِي جَانِبِ الثُّبُوتِ مَعَهُ غيره