وَاسْتُدْرِكَ عَلَيْهِ "لَوْ" وَ"لَمَّا" الشَّرْطِيَّتَيْنِ فَإِنَّ الْفِعْلَ بَعْدَهُمَا لَا يَكُونُ إِلَّا مَاضِيًا فَتَعَيَّنَ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ قَوْلِهِ: لَا يَكُونُ إِلَّا مُسْتَقْبَلَ الْمَعْنَى
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أزواجك} إِلَى {إِنْ وَهَبَتْ} فَوَقَعَ فِيهَا "أَحْلَلْنَا" الْمَنْطُوقُ بِهِ أَوِ الْمُقَدَّرُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ جَوَابُ الشَّرْطِ مَعَ كَوْنِ الْإِحْلَالِ قَدِيمًا فَهُوَ مَاضٍ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُرَادَ: "إِنْ وَهَبَتْ فَقَدْ حَلَّتْ" فَجَوَابُ الشَّرْطِ حَقِيقَةُ الْحِلِّ الْمَفْهُومِ مِنَ الْإِحْلَالِ لَا الْإِحْلَالُ نَفْسِهِ وَهَذَا كَمَا أَنَّ الظَّرْفَ مِنْ قَوْلِكَ: "قُمْ غَدًا" لَيْسَ هُوَ لِفِعْلِ الْأَمْرِ بَلْ لِلْقِيَامِ الْمَفْهُومِ مِنْهُ
وَقَالَ الْبَيَانِّيُونَ: يَجِيءُ فِعْلُ الشَّرْطِ مَاضِيَ اللَّفْظِ لِأَسْبَابٍ
مِنْهَا: إِيهَامُ جَعْلِ غَيْرِ الْحَاصِلِ كَالْحَاصِلِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا رأيت ثم رأيت نعيما}
وَمِنْهَا: إِظْهَارُ الرَّغْبَةِ مِنَ الْمُتَكَلِّمِ فِي وُقُوعِهِ كَقَوْلِهِمْ: إِنْ ظَفِرْتَ بِحُسْنِ الْعَاقِبَةِ فَذَاكَ وَعَلَيْهِ قوله تعالى: {إن أردن تحصنا} أَيِ: امْتِنَاعًا مِنَ الزِّنَا جِيءَ بِلَفْظِ الْمَاضِي وَلَمْ يَقُلْ يُرِدْنَ إِظْهَارًا لِتَوْفِيرِ رِضَا اللَّهِ وَرَغْبَةً فِي إِرَادَتِهِنَّ التَّحْصِينَ
وَمِنْهَا: التَّعْرِيضُ بِأَنْ يُخَاطِبَ وَاحِدًا وَمُرَادُهُ غَيْرُهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَئِنْ أشركت ليحبطن عملك}