{وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ} يعني بِعَضِّه ومات من فِعله قبل أن تُدْرَكَ ذكاتُهُ. والجمهور على ضم الباء من {السَّبُعُ} على الأصل، وقرئ: بإسكانها تخفيفًا (1)، وقيل: هما لغتان (2). وقوله: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} (ما) في موضع نصب على الاستثناء من الموجب قبله من لدن قوله: {وَالْمُنْخَنِقَةُ} إلى قوله: {وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ} عن ابن عباس، وعلي بن أبي طالب - رضي الله عنهما - وغيرهما (3). أي: إلا ما أدركتم ذكاته وهو يضطرب اضطراب المذبوح وتشخب أوداجه (4). وأصل التذكية في اللغة: التمام، فمعنى ذَكَّيْتُ الذبيحة: أتممت ذبحها، وذكيت النار: أتممت إيقادها، ومنه: فلان ذكي، أي: تام الفهم. وقوله: {وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ}، قيل: كانت لهم حجارة منصوبة حول البيت يذبحون عليها ويشرحون اللحم عليها، يعظمونها بذلك ويتقربون به إليها، تُسمى الأنصاب (5)، فعلى هذا يتعلق بـ (ذُبح) تعلق الجار بالفعل، نحو: ركبت على الفرس، وضربت على الرأس. وقيل: كانوا يعبدونها (6)، وهي غير الأصنام، لأن الأصنام مصورة منقوشة، والنُّصُبُ غير مصورة (7)، فعلى هذا يحتمل أن يكون متعلقًا بذُبح(1) نسبها النحاس في معانيه 2/ 257 إلى الحسن. وقال الزمخشري 1/ 322: رواية عن أبي عمرو. وقال ابن عطية 5/ 23: رواية أبي بكر عن عاصم، وأضافها أيضًا إلى الحسن، والفياض، وطلحة بن سليمان، وأبي حيوة. (2) انظر معاني الأخفش 1/ 273. وفي إعراب النحاس 1/ 482 عن الفراء: أن أهل نجد يقولون: (السبْع). فيحذفون الضمة. وانظر اللسان (سبعٍ). (3) كذا في تفسير الماوردي 2/ 11 وحكاه عن الجمهور أيضا. وانظر المحرر الوجيز 5/ 23 - 24. وما بين المعكوفتين ساقط من (د) و (ط). (4) كذا في الكشاف 1/ 322. ومعنى تشخب أوداجه: تنفجر عروقه. (5) كذا في الكشاف 1/ 322 أيضًا. وهو قول ابن جريج كما في زاد المسير 2/ 284. (6) هذا قول قتادة كما في الطبري 6/ 75. وبه قال أبو عبيدة 1/ 152، والزجاج 2/ 146. (7) مأخوذ من قول ابن جريج، انظر الطبري 6/ 75، والمحرر الوجيز 5/ 26.