{فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (80) ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَاأَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ (81)}: قوله عز وجل: {فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ} أي: يئسوا، وزيادة السين والتاء للمبالغة، ونظيره: استسخر وسخر، واستعجب وعجب. وقرئ: (اسْتايسوا) بتأخير الياء بعد الألف (1) على القلب، وهو قلب العين إلى موضع الفاء، والأصل يئس، ثم أيس، فلما قدمت العين صارت استأيس، ثم خففت الهمزة بأدن قلبت ألفًا لسكونها وانفتاح ما قبلها، وقد أوضحت هذا في الكتاب الموسوم بالدرة الفريدة في شرح القصيدة. قال الشيخ أبو علي: فأما إياس - اسم رجل - فليس مصدر أيس، ولكن مصدر أُسْتُهُ أَؤُسُه، إذا أعطيتَهُ، والإياس مثل القيام. انتهى كلامه (2). وقوله: {خَلَصُوا نَجِيًّا} خلصوا جواب (لما)، و {نَجِيًّا} نصب على الحال من الضمير في {خَلَصُوا}، أي: انفردوا عن الناس متناجين، وهو واحد يُؤَدَّى عن الجمع، وجمعه أنجيةٌ، وينشد: 343 - * إِنِّي إذا ما القومُ كانوا أَنْجِيَهْ * * واخْتَلَفَ القومُ اخْتلاف الأَرْشِيَهْ * * هناكَ أوصيني ولا تُوصي بِيَهْ (3) *(1) بغير همز، وهي رواية صحيحة عن ابن كثير. انظر السبعة / 350/. والحجة 4/ 432 - 433. ومشكل مكي 1/ 434. (2) الحجة 4/ 434. وفيه: الإياس مثل القياس والقياد. (3) انظر البيت الأول من هذا الرجز وهو موضع الشاهد في معجم العين 6/ 187. ونوادر أبي زيد / 11/. ومقاييس اللغة 5/ 399. والكشاف 2/ 269. وانظره كاملًا في معاني الزجاج =