{فَلَا تُصَاحِبْنِي} أي: فاترك صحبتي وفارقني، وإنْ طلبت صحبتك فلا توافقني عليها، وقرئ: (فَلَا تَصْحَبْني) بفتح التاء (1)، من صحبه، أي: فلا تكن صاحبي. وقرئ أيضًا: (فَلَا تُصْحِبْنِي) بضم التاء (2)، من أصحبه الشيء إذا جعل له صاحبًا، بمعنى: فلا تصحبني إياك، ولا تجعلني صاحبك، أو: فلا تُصْحِبْني شيئًا من علمك؛ وقد جوز أبو إسحاق أن يكون من: أَصْحَبَ البعيرُ، إذا انقاد بعد صعوبة. بمعنى: فلا تتابعني في شيء ألتمسه منك (3). وفيه ما فيه، لأن قولهم: أصحب الدابة، إذا انقاد لازم، وهنا متعد كما ترى. وقوله: {قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا} (عذرًا) مفعول البلوغ، و {مِنْ لَدُنِّي} حال منه، وهو في الأصل صفة له، أي: قد بلغت عذرًا كائنًا من عندي، ولك أن تجعله من صلة {بَلَغْتَ}. وقرئ: (من لدنِّي) بتشديد النون (4)، والاسم (لدن)، والنون الثانية وقاية زيدت ليسلم سكون النون فيه، كما زيدت في عَنّي ومِنّي لذلك، وأدغمت الأصلية في المزيدة. وبتخفيفها (5)، وفيه وجهان:(1) من غير ألف وإسكان الصاد. وهي قراءة يعقوب في روايتي روح وزيد. انظر المبسوط / 280/ والنشر 2/ 113. والإتحاف 2/ 222. (2) وكسر الحاء، ونسبت إلى الجحدري، والنخعي، وأبي رجاء، وعيسى، ورواها سهل عن أبي عمرو. انظر مختصر الشواذ / 81/. والمحرر الوجيز 10/ 430. وزاد المسير 5/ 174. (3) معاني الزجاج 3/ 303. (4) هذه قراءة أكثر العشرة كما سيأتي. (5) يعني (من لَدُنِي)، وهي قراءة أبي جعفر، ونافع، وأبي بكر عن عاصم، والباقون على الأولى. انظر السبعة / 396/. والحجة 5/ 160. والمبسوط / 281/. والنشر 2/ 313.