{فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا (103)}: قوله عزَّ وجلَّ: {قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ} أحوال من الضمير في {فَاذْكُرُوا}، أي: قائمين وقاعدين ومضطجعين؛ لأنَّ الإنسان لا يخلو من إحدى هذه الأحوال، فالقيام للصمحيح، والقعود للمريض الذي لا يستطيع القيام، والاضطجاع للذي لا يستطيع الجلوس على ما فسر (1). وقوله: {فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ} الهمزة لام الكلمة ووزنها افْعَلَلَّ تقول: اطمأن يطمئن اطمئنانًا وطمأنينة. وأصل اطمأنَّ اطمأنن، فألقيت حركة النون على الهمزة وأدغمت النون في النون، وأما طَأْمَنَ رَأْسَهُ فأصلٌ آخرُ، وفيه نظر (2). وقوله: {كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} كان: هنا للدوام، أي: لا تزال كذلك، وقيل: كانت كذلك قبل أن خلقهم الله. و{مَوْقُوتًا} مفعول، من وَقَتَهُ فهو موقوت، إذا بَيَّنَ للفعل وقتًا يفعل فيه، بمعنى وقَّتَهُ، والتوقيت: تحديد الأوقات، يقال: وقّته ليوم كذا، مِثْلُ أَجَّلْتُهُ أجلًا، أي: محدودًا بأوقات لا يجوز إخراجها عن أوقاتها على أي حال كنتم: خَوْفٍ أو أَمْنٍ. {وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (104)}: قول عزَّ وجلَّ: {وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ} أي: ولا تضعفوا في طلب العدو بالقتال، من وَهَنَ يَهِنُ، إذا ضَعُفَ، أي: لا تخافوا فيكون الخوف سبب ضعفكم.(1) ذكر هذا التفسير في البحر 3/ 342 أيضًا. واختلف المفسرون هل المقصود بالذكر هنا ذكر اللسان والقلب، أم الصلاة المفروضة؟ قال القرطبي 5/ 374: الأول أظهر، والله أعلم. (2) تقدم الكلام على هذه المادة في البقرة آية (260)، وقوله: (وفيه نظر) ساقط من (د).