الفائدة السّادسة (١):

جواز تَخَلُّلِ (٢) الصّفوف، والإتيان إلى الصَّفِّ، الأوّل حتَّى يصل إليه من يليق (٣) به الصَّلاة فيه؛ لأنّ شأن الصَّفِّ الأوَّل أنّ يكون فيه أفضل القوم وأعدلهم، لقوله - صلّى الله عليه وسلم - في الحديث الثّابت الصّحيح: "لِيَلِني منكم أُولُو الأحلام والنُّهَى، وإيّاكُمْ وَهيْشَاتِ الأَسْوَاقِ" (٤).

نكتةٌ لغويةٌ:

قال أبو عبيْدٍ في غريبه (٥): "إياكم وهَوْشَات الأسواق. الهوشةُ: الفِتْنَة والهيج والاختلاط، يقالُ: هوشَ القوم إذا اختلطوا" أو ما قرب من هذا المعنى.

وقوله (٦): "أولو الأحلام والنُّهَى" يعني العقلاء الفضلاء الّذين يحفظون عنه صلاته، ويَعُونَ (٧) ما يكون منه في صلاته.

وكذلك ينبغي أنّ يكون في الصَّفِّ الأوّل من يصلُحُ أنّ يُلَقِّنَه، ومن يصلُح أيضًا للاستخلاف في الصَّلاة.

الفائدة السابعة (٨):

قوله (٩): "حتّى وقفَ في الصَّفِّ" يريد الصَّفّ الأفضل، والألف واللّام للعهد، وهذا أصلٌ فيمن دخلَ فوجدَ النَّاسَ يصلُّونَ، فرأَى فُرْجَة في الصَّفِّ المتقدِّم أنّه يشقُّ إليها.

وروى ابن القاسم عن مالكٌ: أنّه لا بأس أنّ يخترقَ صَفَّا إلى فُرْجَةٍ يراها في صف آخر.

(١) هذه الفائدة مقتبسة من الاستذكار: ٦/ ٢٣٦، وانظر التمهيد: ٢١/ ١٠٢ - ١٠٣.
(٢) م: "تخليل".
(٣) في النُّسخ: "لمن تليق" والمثبت من الاستذكار. أمّا في التمهيد فالعبارة فيه: "للرجل الّذي تليق به
الصّلاة فيَ الصّفِّ الأوّل حتّى يصل إليه".
(٤) أخرجه أحمد: ١/ ٤٥٧، ومسلم (٤٣٢)، والترمذي (٢٢٨) من حديث ابن مسعود.
(٥) ٤/ ٨٤ - ٨٥.
(٦) أي قوله - صلّى الله عليه وسلم - في حديث عبد الله بن مسعود، ومن هنا إلى آخر النّكتة مقتبس من الاستذكار: ٦/ ٢٣٦ بتصرُّف.
(٧) في النُّسَخ: "ويعدون ".
(٨) هذه الفائدة مقتبسة من المنتقى: ١/ ٢٨٨ بتصرُّفٍ.
(٩) في حديث الموطّأ (٤٥١) رواية يحيى.