وعلى كلِّ حالٍ، فقد ثَبَتَ أنَّ تَحْسِينَ الصَّوْتِ بالقُرْآنِ، وتَطْرِيبَه، مُسْتَحَبٌّ غيرُ مَكْرُوهٍ، ما لم يَخْرُجْ ذلك إلى تَغْيِيرِ لَفْظِه، وزِيَادَةِ حُروفٍ فيه (٦٤)، فقد رُوِىَ عن عائشةَ، رَضِىَ اللهُ عنها، أنَّها قالت للنَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: أسْتَمِعُ قِرَاءَةَ رَجُلٍ في المَسْجِدِ لم أسْمَعْ قِرَاءَةً أحْسَنَ من قِرَاءَتِه. فقام النَّبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فاسْتَمَعَ قِرَاءَتَه، ثم قال: "هذَا سَالِمٌ مَوْلَى أبى حُذَيْفَةَ، الحَمْدُ لِلّهِ الَّذِى جَعَلَ فىِ أُمَّتِى مِثْلَ هذَا (٦٥) ". وقال النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لأبي موسى: "إنِّى مَرَرْتُ بِكَ البَارِحَةَ وأَنتَ تَقْرَأُ، فَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ". فقال أبو موسى: لو أَعْلَمُ أنَّك تَسْتَمِعُ لَحَبَّرْتُه لك تَحْبِيرًا (٦٦). مع ما ذَكَرْنَا مِن الأخْبارِ، واللهُ أعْلمُ.

(٦٤) في أ، م: "حروفه".
(٦٥) أخرجه ابن ماجه، في: باب في حسن الصوت بالقرآن، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه ١/ ٤٢٥. والإمام أحمد، في: المسند ٦/ ١٦٥.
(٦٦) أخرجه البخاري، في: باب حسن الصوت بالقراءة، من كتاب فضائل القرآن. صحيح البخاري ٦/ ٢٤١. ومسلم، في: باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن، من كتاب صلاة المسافرين. صحيح مسلم ١/ ٥٤٦. والترمذي، في: باب في مناقب أبى موسى الأشعري رضى اللَّه عنه، من أبواب المناقب. عارضة الأحوذى ١٣/ ٢٤١. والنسائي، في: باب تزيين القرآن بالصوت، من كتاب افتتاح الصلاة. المجتبى ٢/ ١٤٠، ١٤١. وابن ماجه، في: باب في حسن الصوت بالقرآن، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه ١/ ٤٢٥، ٤٢٦. والدارمى، في: باب التغنى بالقرآن، من كتاب الصلاة، وفى: باب التغنى بالقرآن، من كتاب فضائل القرآن. سنن الدارمي ١/ ٣٤٩، ٢/ ٤٧٢. والإمام أحمد، في: المسند ٢/ ٣٦٩، ٤٥٠، ٥/ ٣٤٩، ٣٥١، ٣٥٩، ٦/ ٣٧، ١٦٧.