فصل: وإذا ماتَ المُفْلِسُ، وله عَبِيد، فهَلَّ شَوَّالُ قبلَ قِسْمَتِهِم بين الغُرَمَاءِ، ففِطْرَتُهم على الوَرَثَةِ؛ لأنَّ الدَّيْنَ لا يَمْنَعُ نَقْلَ التَّرِكَة، بل غَايَتُه أن (٦) يكونَ رَهْنًا بِالدَّيْنِ، وفِطرةُ الرَّهْنِ على مَالِكِه.

فصل: ولو ماتَ عَبِيدُه، أو مَنْ يَمُونُه، بعدَ وُجُوبِ الفِطْرَةِ، لم تَسْقُطْ؛ لأنَّها دَيْنٌ ثَبَتَ فى ذِمَّتِه بِسَبَبِ عَبْدِه، فلم تَسْقُطْ بِمَوْتِه، كما لو اسْتَدَانَ العَبْدُ بإذْنِه دَيْنًا وَجَبَ فى ذِمَّتِه، ولأنَّ زَكاةَ المالِ لا تَسْقُطُ بِتَلَفِه، فالفِطْرَةُ أوْلَى، فإن زَكاةَ المالِ تَتَعَلَّقُ بالعَيْنِ، فى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وزَكاةُ الفِطْرِ بخِلافِه.

فُصُولٌ فى صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ: وهى مُسْتَحَبَّةٌ فى جَمِيعِ الأَوْقَاتِ؛ لِقَوْلِه تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} (٧). وأمَرَ بالصَّدَقَةِ فى آياتٍ كَثِيرَة، وحَثَّ عليها، ورَغَّبَ فيها. ورَوَى أبو صالِحٍ، عن أبى هُرَيْرَةَ، قال: قال رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ تَصَدَّقَ بِعِدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلَا يَصْعَدُ إلَى اللهِ إلَّا الطَّيِّبُ، فإنَّ اللهَ تَعَالَى يَقْبَلُها بِيَمِينِهِ، ثم يُرَبِّيها لِصَاحِبِها، كَمَا يُرَبِّى أحَدُكُمْ فَلُوَّهُ (٨)، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ". مُتَّفَقٌ عليه (٩). وصَدَقَةُ السِّرِّ

(٦) فى أ، ب: "أنه".
(٧) سورة البقرة ٢٤٥.
(٨) الفلو: المهر يفصل عن أمه.
(٩) أخرجه البخارى، فى: باب حدثنا عبد اللَّه بن منير، من كتاب الزكاة، وفى: باب قول اللَّه تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ}، من كتاب التوحيد. صحيح البخارى ٢/ ١٣٤، ٥/ ١٥٤. ومسلم، فى: باب قبول الصدقة من الكسب الطيب وتربيتها، من كتاب الزكاة. صحيح مسلم ٢/ ٧٠٢.
كما أخرجه الترمذى، فى: باب ما جاء فى فضل الصدقة، من أبواب الزكاة. عارضة الأحوذى ٣/ ١٦٣. والنسائى، فى: باب الصدقة من غلول، من كتاب الزكاة. المجتبى ٥/ ٤٣. وابن ماجه، فى: باب فضل الصدقة، من كتاب الزكاة سنن ابن ماجه ١/ ٥٩٠. والدارمى، فى: باب فى فضل الصدقة، من كتاب الزكاة سنن الدارمى ١/ ٣٩٥. والإمام مالك، فى: باب الترغيب فى الصدقة، من كتاب الصدقة. الموطأ ٢/ ٩٩٥. والإمام أحمد، فى: المسند ٢/ ٣٣١، ٤١٨، ٤١٩، ٤٣١، ٥٣٨، ٥٤١، ٣٨١، ٣٨٢، ٤٠٤، ٤٧١.