عن عمَرَ، وعائِشَةَ، والضَّحَّاكِ (٢). ولا نَعْلَمُ أحَدًا كَرِهَه، إلَّا ما رُوِىَ عن الحسنِ، ولَعَلَّه أرادَ اجْتِنابَ المُخاطَرَةِ به (٣). ولأنَّ خَزْنَه أحْفَظُ له، والذى عليه الجُمْهُورُ أوْلَى؛ لِمَا رَوَى عبدُ اللهِ بن عمْرِو بن العاصِ، أنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "مَنْ وَلِىَ يَتِيمًا لَهُ مَالٌ فَلْيَتَّجِرْ لَهُ، وَلَا يَتْرُكْهُ حَتَّى تَأْكُلَهُ الصَّدَقَةُ" (٤). وَرُوِىَ ذلك عن عمرَ بن الخَطَّابِ (٥)، رَضِىَ اللهُ عنه، وهو أصَحُّ مِن المَرْفُوعِ. ولأنَّ ذلك أحَظُّ للمُوَلَّى عليه؛ لتَكُونَ نَفَقَتُه مِن فاضِلِه ورِبْحِه، كما يَفْعَلُه البالِغُونَ (٦) فى أموالِهِمْ، وأموالِ مَن يَعِزُّ عليهم مِن أولادِهم، إلَّا أَنَّه لا يَتَّجِرُ إلَّا فى المواضِعِ الآمِنَةِ، ولا يَدْفَعُه إلّا لأمِينٍ (٧)، ولا يُغَرِّرُ بمالِه. وقد رُوِىَ عن عائِشَة، رَضِىَ اللهُ عنها، أَنَّها أَبْضَعَتْ مالَ محمدِ بن أبى بكرٍ فى البَحْرِ. فيَحْتَمِلُ أَنَّه كان فى مَوْضِعٍ مَأمُونٍ قَرِيبٍ مِنَ السَّاحِلِ، ويَحْتَمِلُ أَنَّها جَعَلَتْ (٨) ضَمانَه عليها، إنْ هَلَكَ غَرِمَتْه. فمتى اتَّجَرَ فى المالِ بنَفْسِه، فالرِّبْحُ كُلُّه لِلْيَتِيمِ، وأجازَ الحسنُ بن صالِحٍ، وإسحاقُ، أنْ يَأْخُذَ (٩) الوَصِيُّ مُضارَبَةَ لنَفْسِه؛ لأنَّه جازَ له (١٠) أنْ يَدْفَعَه بذلك إلى غيرِه، فجازَ أنْ يَأْخُذَ ذلك لنَفْسِه. والصَّحِيحُ ما قُلْنا؛ لأنَّ الرِّبْحَ نَماءُ مالِ اليَتِيمِ، فلا يَسْتَحِقُّه

(٢) أبو القاسم الضَّحَّاك بن مزاحم الهلالى، روى عن ابن عمر، وابن عبَّاس، وأبي هريرة، وغيرهم. وقيل لم يثبت له سماع من أحد من الصَّحابة، توفى سنة ست ومائة. تهذيب التهذيب ٤/ ٤٥٣، ٤٥٤.
(٣) سقط من: الأصل.
(٤) أخرجه الترمذى، فى: باب ما جاء فى زكاة مال اليتيم، من أبواب الزكاة. عارضة الأحوذى ٣/ ١٣٦. والبيهقى، فى: باب من تجب عليه الصدقة، من كتاب الزكاة. وباب تجارة الوصى بمال اليتيم أو إقراضه، من كتاب البيوع. السنن الكبرى ٤/ ١٠٧، ٦/ ٢. والدارقطني، فى: باب وجوب الزكاة فى مال الصبى واليتيم، من كتاب الزكاة. سنن الدارقطنى ٢/ ١٠٩، ١١٠.
(٥) حديث عمر، أخرجه البيهقى، فى البابين نفسيهما. والدارقطني، فى الباب نفسه. سنن الدارقطنى ٢/ ١١٠.
(٦) فى الأصل: "البائعون".
(٧) فى م: "الأمين".
(٨) فى م: "جعلته من".
(٩) فى م: "يأخذه".
(١٠) سقط من: م.