بالسَّيْفِ، ثم وقَع، فأتْبَعَه ضَرْبًا بِالسيفِ حتى قَتَلَه، فلما فتَحَ اللَّه الفَتْحَ، أقبلَ بسَلَبِ القتيلِ، وقد شَهِدَ له الناسُ أنَّه قاتِلُه، فأعْطاه خالدٌ بعضَ سَلَبِه، وأمْسَكَ سائِرَه، فلمَّا قدِمَ المدينةَ اسْتَعْدَى رسولَ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فدَعا خالدًا، فقال رسولُ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "ما مَنَعَكَ يا خَالِدُ أنْ تَدْفَعَ إلَى هذَا سَلَبَ قَتِيلِهِ؟ ". قال: اسْتَكْثَرْتُه له. قال: "فَادْفَعْهُ إليْهِ". وذكرَ الحديثَ. روَاه أبو داودَ (١٧).

الفصل الرابع: أنَّه إنَّما يسْتَحِقُّ السَّلَبَ بشُروطٍ أربعةٍ؛ أحدُها، أنْ يكونَ المقتولُ من المُقاتِلَة الذين يجوزُ قَتْلُهم، فأمَّا إنْ قتلَ امرأةً، أو صَبِيًّا، أو شيخًا فانِيًا، أو ضعيفًا مَهِينًا، ونحوَهم ممَّنْ لا يُقاتِل، لم يسْتَحِقَّ سَلَبَه. لا نعلَمُ فيه خلافًا. وإن كان أحدُ هؤلاء يُقاتِلُ، اسْتَحَقَّ قاتِلُه سَلَبَه، لأنَّه يجوزُ قَتْلُه، ومَنْ قتلَ أسيرًا له أو لغيرِه، لم يسْتَحِقَّ سَلَبَه؛ لذلك. الثانى، أنْ يكونَ المقتولُ فيه مَنَعَةٌ (١٨)، غيرَ مُثْخَنٍ بالجراحِ، فإنْ كان مُثْخَنًا بالجراحِ، فليس لقاتِلِه شىءٌ من سَلَبِه. وبهذا قال مَكْحولٌ، وحَرِيزُ (١٩) ابنُ عثمانَ، والشافِعِىُّ؛ لأنّ مُعاذَ بن عمرِو بن الجَمُوح، أثبَتَ أبا جهْلٍ، وذَفَّفَ عليه ابنُ مسعودٍ، فقضَى النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بسَلَبِه لِمُعاذٍ بن عمرِو بن الجَمُوحِ، ولم يُعْطِ ابنَ مسعودٍ شيئًا (٢٠). وإنْ قطَعَ يَدَىْ رجُلٍ ورِجْلَيْه، وقَتَلَه آخرُ، فالسلَبُ للقاطِعِ دونَ

(١٧) فى: باب فى الإمام يمنع القاتل السلب إن رأى، . . .، من كتاب الجهاد. سنن أبى داود ٢/ ٦٥، ٦٦.
كما أخرجه مسلم، فى: باب استحقاق القاتل سلب القتيل، من كتاب الجهاد والسير. صحيح مسلم ٣/ ١٣٧٣، ١٣٧٤. والإمام أحمد، فى: المسند ٦/ ٢٦. وسعيد بن منصور، فى: باب النفل والسلب فى الغزو والجهاد، من كتاب الجهاد. السنن ٢/ ٢٦٠، ٢٦١.
(١٨) فى م: "منفعة".
(١٩) فى النسخ: "وجرير" تصحيف.
وهو حريز بن عثمان بن جبر الرحبى المِشْرَقىّ، تابعى ثبت، ولد سنة ثمانين، وتوفى سنة ثلاث وستين ومائة. تهذيب التهذيب ٢/ ٢٣٧ - ٢٤١.
(٢٠) أخرجه البخارى، فى: باب من لم يخمس الأسلاب، من كتاب فرض الخمس، وفى: باب قتل أبى جهل، من كتاب المغازى. صحيح البخارى ٤/ ١١٢، ٥/ ٩٤، ٩٥. ومسلم، فى: باب استحقاق القاتل سلب القتيل، وفى: باب قتل أبى جهل، من كتاب الجهاد والسير. صحيح مسلم ٣/ ١٣٧٢، ١٤٢٤.