Progress Donasi Kebutuhan Server — Your Donation Urgently Needed — هذا الموقع بحاجة ماسة إلى تبرعاتكم
Rp 1.500.000 dari target Rp 10.000.000
فأنزلَ اللَّهُ تعالى: {قُلْ} يا محمد: {مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا} (١)؛ أي: ضياءً مِن الضَّلالة، {وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ} (٢)؛ أي: تكتبونه (٣) في قراطيسَ مقطَّعةٍ، حتى لا تكونَ مجموعةً؛ لتُخفوا مِنها ما شِئتم، ولا يشعرَ بها العوام، {تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا} بتاء المخاطبة على قراءة الأكثر؛ لأنَّه كان يُواجِهُهم بها، قوله تعالى: {وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ} على هذا التَّأويل خطابٌ لأهل الكتاب أيضًا، علموا بالتَّوراة ما لم يَعلموا هم ولا آباؤهم.
وقال الإمامُ أبو منصور رحمه اللَّه: لو كان هؤلاء أهلَ الكتاب في الحقيقة ما أنكروا الرُّسلَ، ولا الكتبَ؛ لأنَّ أهلَ الكتاب يؤمنون ببعضِ الرُّسل، وببعضِ الكُتُب، وإنْ كانوا يَكفرون ببعض، لكن هؤلاء أنْكَروا الرُّسل لمَّا كانوا أهلَ نفاقٍ؛ ويكونُ من اليهود أهلُ نفاقٍ، كما يكونُ مِن أهل الإسلام، كانوا يُظهِرونَ الموافقةَ لهم، ويُضمِرون الخلافَ لهم، والموالاةَ لأهل الشِّرك، ويُظاهِرون عليهم، كما كان يفعل ذلك منافقو أهلِ الإسلام، كانوا يُظهِرونَ الموافقةَ لرسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويُضمِرون الخلافَ له، ويُظاهِرونَ المشركين عليه، فأطلعَ اللَّهُ رسولَه على نفاقِهم؛ ليعلمَ قومُهم خلافَهم، وأنَّ ما كان من تحريفٍ وكتمانٍ كان منهم (٤).
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (٩/ ٣٩٦)، وابن أبي حاتم (٤/ ١٣٤٢) (٧٥٩٥)، (٧٥٩٦).
(٢) في (ر) و (ف): "يجعلونه"، ولم ينقط حرف المضارعة في (أ)، وسلف قريبًا ما فيها من قراءات، وأثبتها بالتاء لتوافق ما سيأتي.
(٣) في (أ): "مكتوبة"، وفي (ر) و (ف): "يكتبونه"، ولعل المثبت هو الصواب.
(٤) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٤/ ١٦٦).