وقوله تعالى: {فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ} قرأ ابنُ كثيرٍ وأبو عمرو وسهلٌ ويعقوب (١): {فَمُسْتَقَرٌّ} بكسرِ القاف، وهو نعتٌ، ومعناه: فمِنكم مُستَقِرٌّ، ومِنكم مُستودعٌ.

وقرأ الباقون بفتح (٢) القاف (٣)، وهو مصدرٌ أو موضعٌ، ومعناه: فلكم مستقَرٌ ومستودَعٌ.

واختلف فيهما، روى عوفٌ عن ابن عباسٍ رضي اللَّه عنهما قال: كلُّ مخلوقٍ قد فُرِغَ من خلقه فهو المستَقرّ، والمستودعُ ما في الأصلاب الذي هو مودَعُ خالقِه (٤).

وكتب حَبْرُ تيماءَ إلى ابن عباسٍ رضي اللَّه عنهما يسألُه عن هذه الآية؟ فكتبَ إليه: المستودعُ الصُّلب، والمستقر الرحم، ثم قرأ: {وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ} الحج: ٥ (٥).

وقال ابنُ الحنفية على عكسه: المستقر: الصُّلب، والمستودعُ: الرَّحم (٦)؛ لأنَّ في الآيةِ تقديمَ ذكرِ المستقَرِّ على المستودَع.

وقال الإمام أبو منصورٍ رحمه اللَّه: ويَحتمل {فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ} في كلِّ حال؛

(١) قوله: "وسهل ويعقوب" من (ف)، وهي رواية روح عن يعقوب، وقرأ رويس عنه بفتح الراء. انظر: "النشر" (٢/ ٢٦٠).
(٢) في (أ): "فمستقر بنصب" بدل: "بفتح".
(٣) انظر: "السبعة" (ص: ٢٦٣)، و"التيسير" (ص: ١٠٥)، و"النشر" (٢/ ٢٦٠).
(٤) رواه بنحوه الطبري في "تفسيره" (٩/ ٤٣٨) من رواية العوفي عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما.
(٥) انظر: "التفسير البسيط" للواحدي (٨/ ٣١٣). ورواه الطبري في "تفسيره" (٩/ ٤٣٨ - ٤٣٩)، وفيه أن ابن عباس هو سأل حبر تيماء عن المستقر والمستوح فأجابه الحبر!!
(٦) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٤/ ١٣٥٦، ١٣٥٧) (٧٦٩٠)، (٧٦٩٧).