Progress Donasi Kebutuhan Server — Your Donation Urgently Needed — هذا الموقع بحاجة ماسة إلى تبرعاتكم
Rp 1.500.000 dari target Rp 10.000.000
المحكم واجبٌ، وإجراؤه على ظاهره بدعةٌ، وتأويلُه على وفق الأصول لازمٌ (١)، وباللَّه المعونة.
وقوله تعالى: {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ} قرأ أبو عمرٍو وأهلُ المدينة بالتخفيف من الإغشاء كما في قوله: {كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ} يونس: ٢٧ وقوله: {فَأَغْشَيْنَاهُمْ}
(١) واضح من كلام المؤلف رحمه اللَّه أنه على مذهب الخلف القائلين بالتأويل في آيات الصفات، والذي لجؤوا إليه بعد ظهور الفرق الضالة من المشبهة والمعطلة وغيرهم، أما الذين ذهبوا مذهب السلف فقالوا: إذا وردَت صفةٌ من صفات اللَّه تعالى موهمةٌ بمشابهةِ المخلوقين؛ كورودِ لفظ اليد والعين ونحوهما، فإننا نُؤمِنُ بها مع القطعِ بأنَّه تعالى ليس كمثلِه شيءٌ في صفاته ولا ذاته، ونُوْكِلُ معرفةَ كيفيَّتها وكيفيَّةِ تعلُّقِها به تعالى إلى اللَّه، ونجريها على ما أجراها اللَّه تعالى ورسوله عليه من غير تأويلٍ ولا تكييفٍ، وهو مذهبُ سلفِ الأمَّة، ويقال له: الطريقُ الأسلمُ، وطريقةُ المتأخِّرين في التأويل يقال لها: الطريقُ الأعلمُ. والحقُ أن الأَولى بالمؤمن هي الطريقُ الأُولى، فإنَّه لا يحيطُ بالصفة وكيفيَّتها إلا مَن أحاط بكيفيَّة ذات الموصوف، وقد ثبت فيه قوله تعالى: {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} طه: ١١٠، وطريقةُ التأويل غايتُها الحملُ على المجازِ، وكونُه المرادَ أمرٌ غيرُ مقطوعٍ به، وإنَّما هو ظنٌّ وتخمينٌ. وقد ذكر أبو حيان رحمه اللَّه في "البحر المحيط" (١٠/ ٥٢٦) عند تفسير هذه الآية قصة الإمام مالك التي تبين منهج السلف في هذا الأمر، وذلك حين جاءه رجل فسأله: كيف استوى؟ فأطرق رأسه مليًّا وعلَتْه الرحضاء عَرَق يغسل الجلد كثرةً ثم قال: الاستواء معلوم، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أظنك إلا ضالًا. ثم أمر به فأُخرج. روى القصة البيهقي في "الأسماء والصفات" (٨٦٧).
وللزيادة في هذه المسألة يراجع كلام ابن القيِّم في شرح قول صاحب "منازل السائرين" في الصفات: إنه لا بدَّ من إثباتها باسمها من غير تشبيه، ونفيِ التشبيهِ عنها من غير تعطيلٍ، والإياس من إدراك كنهها وابتغاء تأويلها. انظر: "منازل السائرين" لأبي إسماعيل عبد اللَّه بن محمد بن علي الأنصاري الهروي (ص: ١٣٩)، و"مدارج السالكين" لابن القيم (٣/ ٣٤٥).