تعالى ودعَتْهم إلى مخالفة أمره، فيجمع بينهما في النار، وهو كقوله تعالى: {نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} الزخرف: ٣٦، وقوله تعالى: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ} الصافات: ٢٢ ونحو ذلك (١).

وقال القشيري رحمه اللَّه: لمَّا طلبوا الجاهَ عند الخَلق بمالهم وبخلوا بإخراج حق اللَّه تعالى عنه شانَ اللَّه وجوههم، ولمَّا ولَّوا جوانبهم (٢) وأسندوا ظهورهم إلى أموالهم كوَى اللَّه جباههم وجنوبهم وظهورهم (٣).

وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: {يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ}؛ أي: على الكنوز (٤).

{فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ}؛ أي: لا يوضع دينارٌ مكانَ دينارٍ، ولا درهمٌ مكان درهمٍ، ولكن توسَّع جلودهم فيوضع (٥) لكلِّ دينار ودرهم كيةٌ على جلده.

وروى أبو هريرة رضي اللَّه عنه أن النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ما من رجلٍ لا يؤدي زكاة ماله إلا جعل اللَّه ماله يوم القيامة صفائحَ من نارٍ فتكوى بها جبهتُه وجنبُه وظهره في يومٍ كان مقداره (٦) خمسين ألفَ سنة، حتى يُقضى بين الناس ثم يَرى سبيلَه إما إلى الجنة وإما إلى النار، وما من صاحب إبلٍ ولا بقرٍ لم يؤدِّ زكاتَها إلا بُطح لها يوم القيامة بقاعٍ قَرْقرٍ تطؤه بأخفافها وأظلافها وتَنطِحُه بقرونها وتَعَضُّه بأفواهها، كلما

(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٥/ ٣٦٣).
(٢) في (أ): "ولما شدوا جوانبهم"، وفي (ف): "ولما سدوا جوانبهم"، وليست هذه الجملة في "اللطائف".
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٢٣).
(٤) ذكره الواحدي في "البسيط" (١٠/ ٤٠٣).
(٥) في (ر) و (ف): "فتكوى"، والمثبت من (أ) و"البسيط" (١٠/ ٤٠٣)، والكلام منه.
(٦) في (أ): "قدره".