وما كان حصنٌ ولا حابسٌ... يفوقان مرداسَ في مَجمعِ

وما كنتُ دون امرئٍ منهما... ومَن تضعِ اليومَ لا يُرفعِ

وقد كنتُ في الحرب ذا تُدرإٍ (١) ... فلم أُعطَ شيئًا ولم أُمنَعِ (٢)

فقال عليه السلام: "اقطعوا لسانه"، فهاب الناس، ثم أُعلموا أنه أراد به قطع كلامه بزيادة العطية، فأعطوه تمام (٣) مئة من الإبل (٤).

وكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يعطيهم كذلك كلَّ سنة، فلما قبض رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- واستُخلف أبو بكر رضي اللَّه عنه جاؤوا يستبدلون منه الخطَّ (٥) بذلك، فبذل لهم، فجاؤوا إلى عمر رضي اللَّه عنه وعرضوا عليه الخطَّ وطلبوا منه التقرير، فأخذ ذلك منهم ومزقه وقال: كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يتألَّفكم على الإسلام، فأما اليوم فقد أعزَّ اللَّه الإسلام، فالإسلامُ أعز من أن يُرشى عليه، فإن ثبتُّم على الإسلام بغير رشوة وإلا فبيننا وبينكم السيف، فعادوا إلى أبي بكر وقالوا: أنت الخليفة أم عمر؟ فقال: هو إن شاء (٦). فسقط سهم المؤلفة قلوبهم بإجماع الصحابة رضي اللَّه عنهم.

(١) أي: ذا دفع، من قولك: درأه، إذا دفعه.
(٢) روى هذه القطعة من الخبر -دون البيت الأخير- مسلم (١٠٦٠) من حديث رافع بن خديج رضي اللَّه عنه.
(٣) "تمام" ليست في (أ).
(٤) انظر: "مغازي الواقدي" (٣/ ٩٤٤ - ٩٤٧).
(٥) في (أ): "مستبدلين منه الخطة".
(٦) رواه بنحوه البخاري في "التاريخ الأوسط" (١/ ٨١)، والفسوي في "المعرفة والتاريخ" (٣/ ٣١٠)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٦/ ١٨٢٢)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٢٠)، والخطيب في "الجامع" (٢/ ٣٠٤)، عن عبيدة السلماني، ورواه بنحوه أيضًا الإمام أحمد في "فضائل الصحابة" (٣٨٣) عن نافع.