Progress Donasi Kebutuhan Server — Your Donation Urgently Needed — هذا الموقع بحاجة ماسة إلى تبرعاتكم
Rp 1.500.000 dari target Rp 10.000.000
وقول النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "رحمَ اللَّهُ أخي يوسف، لو كنْتُ أنا مكانَه لبادرْتُ البابَ" (١)؛ أي: ما كنْتُ منتظرًا للعُذْرِ، بل كنْتُ أرى الإدخال والإخراج مِن اللَّهِ جلَّ جلالُه، فتكلَّم عن مقامِه مِن الفراغِ عن الأفكار (٢) في المخلوقين مدحًا منهم وذمًّا، وإنْ كان ليوسف بهذا المقام، لكنَّ مقامَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان أعلى وأكمل، فليس هذا منه عيبًا على يوسف، وإنَّما هو إبانةٌ لمقدار وسعِه (٣) عليه السلام في التَّسليم للحكم.
والثَّاني: أنَّ يوسف صلوات اللَّه عليه أحبَّ ظهورَ براءتِه ونظافتِه؛ ليكونَ زوجُ المرأة ملاحظًا له بعين الإجلال، لا بعين الاستقلال، كالمسجون من جهة إنسانٍ يخرجُه السُّلطان لحاجته إليه وخصمُه كارهٌ لخروجه، فالخارج من السِّجن يكون قلبُه منقسمًا وخاطره متوزِّعًا ممَّا يتفكَّرُ مِن استثقال خصمِه وكراهته لخروجِه، واحتيالِه ثانيًا لإعادته إلى السِّجن إذ أُخْرِجَ بغير رضاه، فأرادَ أن يكون خاطرُه لإقامة ما يُفوَّض إليه من الأمانة مِن غير تشويشٍ يقعُ في فكرتِه.
ولأنَّه كان كريمًا ابنَ الكرام فكان لا ينكِرُ (٤) صنائعَ زوجِ المرأة، فأحبَّ أنْ يصفوَ قلبُه إذا خامرَهُ شيءٌ من مقالات امرأتِه بظهور صفوتِه مشاهدةً، وهذا في المروءة والأمانة (٥) مندوبٌ إليه.
وما قالَهُ الرَّسول عليه السلام فهو مِن أعلى درجات العبوديَّة، وأشرفِ مقامات الاكتفاء باللَّه تعالى بإرضاء عباده عنه من غير تكلُّفٍ، وكلٌّ جرى على ما كُشِفَ له.
(١) سبق تخريجه قريبًا.
(٢) في (ف) و (ر): "من فراغ الأفكار".
(٣) في (ف): "وسع يوسف".
(٤) في (ر) و (ف): "لا يكفر"، والمثبت من (أ)، والمعنى متقارب، فمعنى "لا يكفر"؛ أي: لا يجحد ولا يستر.
(٥) في (ف) و (أ): "والإنسانية".