Progress Donasi Kebutuhan Server — Your Donation Urgently Needed — هذا الموقع بحاجة ماسة إلى تبرعاتكم
Rp 1.500.000 dari target Rp 10.000.000
سرورُهم بوجودِه، وقد علمَ أنَّ إدخالَ السُّرورِ في قلبِ المؤمن ما محلُّه (١) من الثَّواب عندَ اللَّهِ خصوصًا في قلب إخوتِه، وفي ذلك صلَةُ الرَّحم، وإيصالُ الخبر لأبيه ليتفرَّغَ مِن حزنِه؟
فالجواب عنه: أنَّه لم يقدرْ أنْ يفعلَ مِن غير وحيٍ.
ولأنَّه عَلِمَ أنَّ انقضاء المحنةِ بعدُ لم يأتِ وقتُه، فلذلك تربَّص وتأخَّر إلى وقته، وقال في وقته: {هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ} يوسف: ٨٩.
والثَّالث: أنَّه لو أخبرَهم ساعةَ دخولهم عليه وهو كان يلاطفُهم في المعاملةِ ويسامحُهم في تلك المِيْرَةِ، ويردُّ عليهم بضائعَهم؛ ربَّما لم يستظرفوا صنيعَه بمكانهم، متعلِّلين (٢) بالأخوَّة أنَّها موجبةٌ لخصائص المعاملة، أحبَّ أن ينصرفوا وألسنتُهم رطبةٌ بالثَّناء عليه، متعجِّبين من حسنِ معاملتِه في عام السَّنةِ خصوصًا؛ ليعلموا منه السَّخاوة بما يحملونَه من الطَّعام بالبدل لغيرهم، ويستعطفوا غيرَهم بالرَّغبة إليه للامتيار.
والرَّابع: أنَّ عام السَّنة لم يكن منقضيًا بعدُ، وحوائجُ النَّاس إلى الطَّعام قائمةٌ، فلو أحسُّوا بمكانه ورجعوا ببشرى (٣) الخبر إلى أبيهم، فكانَتْ تنقطعُ المعاملة، فلغلبَةِ الإشفاق على النَّاس أحبَّ ألَّا يُحَسَّ بمكانِه حتَّى تنقضيَ السَّنةُ ويتفرَّغ قلبُه عن هموم الجائعينَ، ثمَّ يستوفي حظَّه من السُّرور في الاجتماع مع أبيه وإخوته.
وقالوا في قوله: {ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ}: كيف استجازَ زيادةَ الحزنِ لأبيه وشَغْلَ قلبِه بسببِه، وهو عالمٌ أنَّه ممتَحَنٌ بفراقِه مهتمٌّ لفقدِه؟
(١) في (ف): "مما يجله".
(٢) في (أ): "معتلين".
(٣) في (أ): "وجعلوا تبشير".