Progress Donasi Kebutuhan Server — Your Donation Urgently Needed — هذا الموقع بحاجة ماسة إلى تبرعاتكم
Rp 1.500.000 dari target Rp 10.000.000
فإذا اجتمعَتِ البركة والشِّفاء والهنيء والمريء والخالص والسَّائغ فلا عجبَ أنْ ينفعَ (١).
وقوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}: أي: للذين تفكَّروا، فعلموا أنَّ النَّحلة على صغر جسمها وضعف خِلْقتِها لا تهتدي لصنعة العسل بنفسها، وأنَّ ذلك بصانع (٢) صنعَها، وخالف لينها ولين غيرها من الحشرات الطَّائرة، فاستُدِلَّ لذلك على خالق واحد قادر لا شريك له ولا شبيه.
وقال القشيريُّ: إنَّ اللَّه تعالى عرَّفَ عبادَه في هذه الآية أنَّ التَّفضيل ليس من جهة القياس، فإنَّ النَّحل مع خساستِه وقلَّة قيمته وصِغَر جثَّته جعل ما وراءَه عسلًا هو شفاءٌ للنَّاس، والإنسان في كمال صورته وتمام عقله وفطنته وعلوِّ رتبته وأنَّ منهم الأنبياء والأولياء في خصائص كثيرة سواها، ثم جعل فيما وراءهم من الوحشة ما لا يخفى، فأيُّ علَّةٍ أوجبَتْ للنَّحل هذه الفضيلة؟ وأيُّ ذنبٍ للإنسان أوجبَ هذه الوحشة؟ ليس ذلك إلَّا مَحْضَ الاختيار.
وقال: إنَّ اللَّه تعالى أجرى سنَّته أنْ يُخفي كلَّ شيءٍ عزيزٍ في شيءٍ حقيرٍ، جعل الإبريسم في الدُّود وهو أصغر الحيوانات وأضعفها، والعسلَ في النَّحل وهو أضعف الطُّيور، وجعل الدُّرَّ في الصَّدفِ وهو أوحش حيوانٍ من حيوانات البحر، وأوح الذَّهب والفضَّة والفيروزج في الحجر، كذلك أودع المعرفة والمحبَّة له في قلوب المؤمنين، وفيهم مَن يخطئ، وفيهم مَن يَعصي (٣).
(١) ورد هذا عند الألوسي من ضمن كلام علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه عند العياشي.
(٢) في (أ): "لصانع".
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ٣٠٦ - ٣٠٧).